مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٥٢٣
ما يحتاج إليه والفضل له والنقصان عليه ويكون الحج متعلقا بعين الأجير. والثاني الاستئجار على الحج بأجرة معلومة كما تقدم ويكون الحج في ذمة الأجير. والثالث الاستئجار بالنفقة وهو المسمى بالبلاغ وسيأتي تفسيره في كلام المصنف. والرابع الاستئجار على وجه الجعالة ، فالقسمان الأولان يسميهما المصنف إجارة ضمان. وذكر القسم الثاني أيضا في قوله وقام وارثه مقامه فيمن يأخذ في حجه. والقسم الثالث أشار إليه بقوله والبلاغ إعطاء ما ينفقه الخ. والرابع أشار إليه بقوله وعلى الجعالة وفي الوجه الثاني خلاف. والذي يفهم من كلام المصنف الجواز والله أعلم. ووجه تسمية القسمين الأولين بالضمان أن الأجير لزمه الحج بذلك العوض دون زيادة عليه ولا رد منه. قال ابن عرفة: والنيابة بعوض معلوم بذاته أجرة إن كانت عن مطلق العمل، وجعل إن كانت عن تمامه، وبلاغ إن كانت بقدر نفقته وفيها الإجارة أن يستأجره بكذا وكذا دينارا على أن كانت عن فلان له ما زاد وعليه ما نقص. والبلاغ خذ هذه الدنانير فحج بها عنه على أن علينا ما نقص عن البلاغ أو يحج منها عنه والناس يعرفون كيف يأخذون إن أخذوا على البلاغ فبلاغ، وإن أخذوا على أنهم ضمنوا الحج فقد ضمنوه.
قلت: يريد بالضمان لزومه الحج بذلك العوض دون زيادة عليه ولا رد منه انتهى. وقال في المتيطية: ما قدمناه من أن الاستئجار على الحج يعني بأجرة معلومة في غير الأجير، والبلاغ هو المشهور من المذهب. ويبقى وجهان ذكرهما بعض أهل العلم وهما: الحج المضمون والجعل في الحج. ثم قال قال أحمد بن سعيد: سمعت أهل العلم يقولون: إنه لا يقوم من الكتاب إلا الوجهان الأولان. وكان ابن لبابة يخالف فذلك ويقول: إن قوله في المدونة إن أخذوا المال على أنهم قد ضمنوا الحج فقد ضمنوه إنه وجه ثالث من أن الحج استئجار وبلاغ ومضمون.
ويقول في الذي يأخذ على الحجة المضمونة أنه إذا مات قبل إكمالها أنه يرد جميع المال ولا يحتسب بقدر ما قطع من الطريق. وقاله أيوب بن سليمان ومحمد بن وليد وغيرهما ونحوه في أقضية ابن زياد وبه كان يقول ابن زرب، قال ابن الهندي: ومن عيب هذه المقالة إن لم يكفل ذهب عناؤه باطلا وإنما وقع في الكتاب المضمون على الاستئجار من جهة أن يكون للمستأجر ما زاد وعليه ما نقص فهو الذي أراد بأنهم ضمنوا الحج. ثم قال: والحج المضمون لا يكون الموصي له إلا غير معين وهو أحوط للميت إن كان أوصى بها، وإن لم يوص بها فلا يتعدى قوله من استئجار أو بلاغ. هذا هو المستحسن في ذلك. وذكر أبو العطار عن بعض قضاة قرطبة أنه كان لا يدفع المال إلا على أنها مضمونة وإن كان الميت أوصى بالاستئجار. وقاله ابن زرب قال ابن العطار: وهذا عندي نقض لعهد الموصي ومخالف لوصيته إلا أن يوصي بأن تكون مضمونة فيوقف عنده عهده. ثم قال: وهذه الحجة إن تولاها قابض الدنانير بنفسه أو استناب فيها غيره سواء، وإن ما ت ولم يوفها استؤجر من ماله على تمامها انتهى. وهذا يؤخذ من قول المصنف وقام وارثه مقامه فيمن يأخذه في حجة. وأما كونه يستنيب في حياته فإنه
(٥٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 ... » »»
الفهرست