ذكر قولين في الإجارة على الحج قال: وكذلك من استأجر قارئا يقرأ عنه في صحة ذلك قولان انتهى. وقوله والوصية بذلك في الثلث يعني الوصية بالحج وبأن يقرأ على القبر بأجرة ولا يريد الوصية لمن يصلي عنه أو يصوم فإن ذلك غير نافذ والله أعلم. وصرح المازري في شرح التلقين في أول كتبا الوكالة لما أن تكلم على الأشياء التي لا تجوز فيها الوكالة أن الصوم لا يقبل النيابة لا عن الحي ولا عن الميت ولم يذكر خلافا ونصه: وأما الصوم فلأنه لا تصح النيابة فيه مع الحياة، وأما مع الموت فعندنا أنه لا يصوم أحد عن أحد حيا كان أو ميتا. وقد ورد في الصحيح في الحديث المشهور من مات وعليه صوم صام عنه وليه والمخالف أخذ بهذا على حسب ما ذكرناه في كتابنا المعلم، وبه أخذ الشافعي في أحد قوله انتهى. فتحصل من هذا أن الصلاة لا تقبل النيابة على المعروف من هذا المذهب خلافا لما ذكره صاحب التقريب عن ابن عبد الحكم، وذكره أبو الفرج في الحاوي. وكذلك الصيام على المذهب كما قال في التوضيح:
أو على المشهور من المذهب كما قال ابن فرحون، فلا تنفذ الوصية بالاستئجار عليهما ولا أعلم في ذلك خلافا بخلاف الحج فتنفذ الوصية به على المشهور، وكذلك الاستئجار على القراءة على القبر تنفذ الوصية بذلك على المشهور والله أعلم.
تنبيه: لا يفهم من كلام المصنف هنا حكم التطوع عن الميت بالحج ما هو. وحكمه الكراهة كما صرح به في المدونة وصاحب الطراز وغيره. ويؤخذ من قول المصنف بعد هذا ومنع استنابة صحيح في فرض وإلا كره. وقول المصنف عنه وليه أعم من أن يكون المتطوع عنه حيا أو ميتا وهو كذلك. قال في الطراز: وكما يكره عن الميت فهو عن الحي أشد.
ويصح عن الميت وإن لم يستنبه أحد وكذلك عندنا في الحي إن وقع ولا يكون في الفرض بوجه انتهى. وقال قبله: والكلام هنا إنما هو في الكراهة والجواز وإن أحرم عن الميت حكم الجميع بانعقاد إحرامه انتهى.
مسألة: قال في كتاب كنز الراغبين العفاة في الرمز إلى المولد والوفاة: ولم أقف على اسم مؤلفه ولكنه متأخر جدا فإنه كان ينقل عن الشيوخ الذين أدركتهم كالشيخ زكريا والشيخ كمال الدين بن حمزة الدمشقي قال ما نصه: وأجاز بعض المتأخرين كالسبكي والبارزي وبعض المتقدمين من الحنابلة كابن عقيل تبعا لعلي بن الموفق وكان في طبقة الجنيد، وكأبي العباس محمد ابن إسحاق السراج من المتقدمين، إهداء ثواب القرآن له (ص) الذي هو تحصيل الحاصل مع كلام السبكي الذي سقناه قريبا وابن عبد السلام مع ما يأتي من كلام المانعين. وقال الزركشي في شرح المنهاج: كان بعض من أدركناه يمنع منه لأنه لا يتجرأ على الجناب الرفيع إلى آخره لفظه. قال الزركشي: وكذلك اختلفوا في الدعاء له بالرحمة وإن كان معنى الصلاة لما في الصلاة من معنى التعظيم بخلاف الرحمة المجردة. وقال ابن قاضي شهبة في شرحه: كان شيخ تاج الدين القروي يمنع منه إلى آخر كلامه. ثم قال ابن قاضي شبهة: وهو المختار والأدب