مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٥٢١
أعمال البر المأثورة في الشرع فإنهما بحمد الله كثيرة وفيها ما يغني عن الابتداع في الدين والوقوع في الأمور المختلف فيها. وقال الشيخ كمال الدين بن حمزة الحسني الشافعي ابن أخت الشيخ نجم الدين المذكور: وقد سئل عن شخص عارض ما أفتى به خاله المشار إليه أن ذلك يجوز إهداء الثواب على الوجه المذكور بدعة ولا خلاف فيه، وإنما الخلاف بين العلماء في أنه من البدع الجائزة أم لا. وحيث كان الامر كذلك اتجه ما أفتى به شيخنا الشيخ نجم الدين المشار إليه، فإن من القواعد المقررة أن درأ المفاسد أولى من جلب المصالح، فإذا دار الامر بين المنع والجواز فالأحوط الترك ومن ثم قال الصوفية: إذا خطر لك أمر فزنه بالشرع فإن شككت فيه هل هو مأمور به أو منهي عنه فأمسك عنه انتهى.
ثم قال صاحب الكتاب: والمشهور من مذهب إمامنا الشافعي وشيخه مالك والأكثرين كما قاله النووي في فتاويه وفي شرح مسلم أنه لا يصل ثواب القراءة للميت. قال بعض المفتيين: فإهداء من لا يعتقد الوصول عبث مكروه. ثم تكلم على إهداء القراءة للميت وذكر كلام النووي في شرح مسلم وفي الأذكار، ثم ذكر عن الشيخ بهاء الدين الحواري - بضم الحاء المهملة وتشديد الواو المفتوحة وكسر الراء منسوب إلى قربة حوران كما ضبطناه وآخرها راء مفتوحة مهملة وياء مقصورة - أنه سئل عمن يقرأ الفاتحة عقب السماع مرات لجماعة وآخرا لكل يسألها له (ص). فقال: المشهور من مذهب الشافعي أن ثواب القراءة لا يصل إلى الميت. قال: وهو محمول على ما إذا نوى القارئ بقراءته أن تكون عن الميت، وأما النفع فينتفع الميت بأن يدعو له عقبها أو يسأل جعل أجره له أو يطلق على المختار عند النووي وغيره لنزول الرحمة على القارئ ثم تنشر ولهذا تصح الإجارة على القراءة عند القبر لحصول النفع بها، ولا يقال كما قال ابن عبد السلام إنه تصرف في الثواب غير مأذون فيه. لأن التصرف الممنوع ما يكون بصيغة جعلته له أو أهديته له، أما الدعاء بجعل ثوابه له فليس تصرفا بسؤال لنقل الثواب إليه ولا منع فيه. وأما إهداء الثواب لرسول الله (ص) فكان الشيخ تاج الدين الفزاري يمنع منه، ثم ذكر كلام الزركشي والقاضي تقي الدين ابن شهبة ثم قال: وجوزه بعض المتأخرين وهو السبكي ثم قال: وأما سؤال الفاتحة له فينبغي أن يمنع منه جزما لما لا يخفى. انتهى كلامه. فهؤلاء الجماعة كلهم قالوا بالمنع من هذا وذكروا تعليله ودليله حتى من أفتى من الشافعية بالجواز وفصل وحصل وما بقي بعد هذا شئ والله الهادي الموفق. انتهى كلام صاحب المولد وكلام ابن السبكي وابن عبد السلام الذي أشار إليه في أول كلامه يعني به ما ذكراه من أن أعمال أمته (ص) كلها في صحيفته والله أعلم. ص: (وإجارة ضمان على بلاغ) ش: يعني أن الاستئجار
(٥٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 ... » »»
الفهرست