وهذا تأويل ابن يونس وارتضاه صاحب الطراز وأبو إسحاق. فتحصل من هذا أنه إذا رجع إلى الموضع الذي استؤجر منه أجزأه على كلا التأويلين، بل لا خلاف في ذلك كما يفهم من كلام صاحب الطراز وإن أحرم من مكة لم يجزه على كلا التأويلين بل لا خلاف. قول آخر أنه يجزئه إلا أن يشترطوا عليه أن يحرم من الميقات. قال في التوضيح: واستبعده صاحب البيان وإن رجع إلى الميقات فهو محل التأويلين.
تنبيه: إذا قلنا يجزئه وكانت العمرة في أشهر الحج فالصحيح أنه متمتع كما سيأتي عند قول المصنف وفي شرط كونها عن واحد تردد قال صاحب الطراز: ودم المتعة عليه من ماله لأنه تعمد ذلك. قال: وظاهر المذهب أنه لا يرجع عليه بشئ يعني لما أدخل في ذلك من نقص التمتع وكأنه يشير إلى ما ذكره في التوضيح عن التونسي أنه لو قيل: يرجع عليه بمقدار ما نقص ما بعد وإن قلنا لا يجزئه فتنفسخ الإجارة في العام المعين ولا تنفسخ في غير المعين، وعليه أن يأتي بحجة أخرى. قاله في التوضيح وابن عبد السلام وسند وغيرهم. وإلى هذا أشار بقوله في المعين فإن مفهومه أنه إذا كان العام غير معين لا تنفسخ الإجارة، وإن قلنا لا يجزئه بل يعيد ذلك في سنة أخرى. وقاله في التوضيح وأصله في المدونة.
قلت: فينبغي لمن أخذ مالا يحج به عن ميت من بعض الآفاق أن لا يأتي إلى مكة إلا في أشهر الحج، فإن جاء قبل أشهر الحج فالأولى أن يحرم بعمرة عن الميت ثم يرجع إلى الميقات فيحرم عن الميت بالحج والله أعلم.
فرع: وأما لو قرن ينوي العمرة عن نفسه وتحج عن الميت فقال ابن عبد السلام، والمنصوص عدم الاجزاء. واختلف هل يمكن من الإعادة أو تنفسخ الإجارة انتهى. ونقله ابن فرحون.
قلت: والظاهر أن هذا الخلاف فيما إذا لم يكن العام معينا، وأما في العام المعين فتنفسخ.
والجاري على العلة المتقدمة يعني قولهم إن عداء القارن خفي الفسخ مطلقا ومن كلام صاحب الطراز ما يدل لذلك فتأمله والله أعلم.
فرع: قال سند: فلو استأذنهم في القران بالعمرة لنفسه فأذنوا له لم يصرفه شئ لأنه وفاهم بما عاهدهم عليه، وهل يصح ذلك؟ فالظاهر أنه لا يصح لأنه اشتراك في طواف واحد وسعي واحد وذلك غير جائز. وقال أشهب في مدونته في رجل حج عن رجل واعتمر عن آخر وقد أمره بذلك: إن دم القران على المعتمر. فرأى أن الشرع لما صحح إحرام العمرة وإردافه على الحج فقد تحقق الاحرامان حال الاجتماع كما يتحققان حال الانفراد، فإذا جازت الإجارة على كل منهما منفردا جازت عليه مجتمعا انتهى. وإذا استأذنهم في التمتع بعمرة له فلا إشكال في صحة ذلك والله أعلم.