مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٢٩٠
عرفة: وحساب المنجمين لقول ابن بشير ركون بعض البغداديين له باطل. قال ابن عرفة قلت:
لا أعرفه لمالكي. بل قال ابن العربي: كنت أنكر على الباجي نقله عن بعض الشافعية لتصريح أئمتهم بلغوه حتى رأيته لابن سريج وقاله بعض التابعين انتهى. وقد رد ابن العربي في عارضته على ابن سريج وبالغ في ذلك وأطال. وظاهر كلام المصنف في التوضيح أن ابن الشخير يقول:
يعتمد على حساب المنجمين وليس كذلك، إنما يقول له: إنه يعمل على ذلك هو في خاصته كما سيأتي بيانه في كلام المقدمات. وقال القرافي في الفرق الثاني والمائة بين قاعدة أوقات الصلاة: يجوز إثباتها بالحساب والآلات وكل ما دل عليها، وقاعدة رؤية الأهلة في الرمضانات لا يجوز إثباتها بالحساب وفيه قولان عندنا وعند الشافعية، والمشهور في المذهب عدم اعتبار الحساب. قال سند: إن كان الامام يرى الحساب فأثبت الهلال به لم يتبع لاجماع السلف على خلافه مع أن حساب الأهلة والخسوف والكسوف قطعي، فإن الله سبحانه أجرى عادته بأن حركات الأفلاك وانتقالات الكواكب السبعة على نظام واحد طول الدهر وكذلك الفصول الأربعة، والعوائد إذا استمرت أفادت القطع كما إذا رأينا شيخا تجزم بأنه لم يولد كذلك بل طفلا للعادة وإلا فالعقل يجوز ولادته كذلك. فالقطع الحاصل فيه إنما هو لأجل العادة وإذا حصل القطع بالحساب فينبغي أن يعتمد عليه كأوقات الصلوات. والفرق ههنا وهو عمدة الخلف والسلف أن الله تبارك وتعالى نصب زوال الشمس سببا لوجوب الظهر، وكذلك بقية الأوقات، فمن علم شيئا بأي طريق لزمه حكمه، فلذلك اعتبر الحساب المفيد القطع. وأما الأهلة فلم ينصب خروجها من شعاع الشمس سببا للصوم بل نصب رؤية الهلال خارجا عن شعاع الشمس هو السبب، فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي ولا يثبت الحكم، ويدل لذلك قوله (ص): صوموا لرؤية الهلال وأفطروا لرؤيته ولم يقل لخروجه عن شعاع الشمس، قال في الصلاة: * (أقم الصلاة لدلوك الشمس) * أي ميلها انتهى. أكثره بلفظه.
وفيه إثبات القول بالاعتماد على حساب المنجمين كما نقله صاحب التوضيح وغيره. وما فرق به بين أوقات الصلاة ورؤية الأهلة حسن، وقد قبله ابن الشاط وله في الذخيرة نحو ذلك.
الثالث: لو شهد عدلان برؤية الهلال وقال أهل الحساب: إنه لا يمكن رؤيته قطعا فالذي يظهر من كلام أصحابنا أنه لا يلتفت لقول أهل الحساب، وقال السبكي وغيره من الشافعية: إنه لا تقبل الشهادة لأن الحساب أمر قطعي والشهادة ظنية والظن لا يعارض القطع.
ونازع في ذلك بعض الشافعية والله أعلم.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست