سيأتي عند قول المصنف ولزمه الحج بنفسه أن ما ذكره المصنف هو المشهور وأن مقابله يقول له الاستئجار، وأن ابن عبد السلام قال: إن محل الخلاف ما لم تقم قرينة على التعيين أو على عدمه فإن قامت قرينة تدل على التعيين عمل عليها. والقرينة هنا دالة على عدم التعيين حيث جعلوها مضمونة بل ذلك صريح في عدم التعيين فتأمله والله أعلم. وذكر الجزائري في وثائقه الخلاف في المضمون، وذكره أيضا الجزولي في شرح الرسالة والشيخ يوسف بن عمرو في كلامه في النوادر إشارة إلى صحته وسيأتي لفظه في قوله فالمضمونة كغيرها.
فرع: قال سند في باب بقية من أحكام الإجارة: الإجارة المعينة ينبغي أن يتصل فيها العمل بالعقد ولا يجوز تراخيها عنه كما في سائر الإجارات المعقودة على خدمة رجل بعينه في شهر بعينه، فما جاز في ذلك جاز هنا، وما امتنع ههنا، فإن كانت الإجارة في أرض الحجاز فالأحسن أن تكون في أشهر الحج فيشرع في الحج عقب العقد، وإن كانت في بلاد قاصية جازت في كل وقت يخرج فيه إلى الحج. وإن تراخى الخروج الأيام انتظر في تجهيزه. ولو استأجره ليحج ماشيا في العام الثاني وكانت المشاة تخرج لذلك اليوم جاز لأنه شرع في الإجارة من وقته، وهذا في الإجارة المعينة، أما المضمونة فيجوز تقديم عقدها على فعلها سنين وهو كالسلم فإنه لا يقبض إلى سنين انتهى. ونحوه للمتيطي ونصه: وقولنا في النص مع تقديم النقد وأخذ في التجهيز هو الصواب لما روي عن مالك أن تقديم النقد مع تأخير الشروع في العمل لا يجوز. فإن كان الاستئجار في غير إبان الخروج إلى الحج يجب النقد على الشرط وجاز على التطوع. انتهى والله أعلم. ص: (والمضمونة كغيره) ش: يحتمل أن يكون مراده أن إجارة الضمان إلا أن قلنا: إنها أفضل من إجارة البلاغ فهي كغيرها في الكراهة ويكون كقوله في النوادر بعد أن ذكر إجارة البلاغ: وهذه والإجارة في الكراهة سواء، وأحب إلينا أن يؤاجر الانسان نفسه بشئ مسمى لأنه إذا مات قبل أن يبلغ كان ضامنا لذلك، يريد محمد ضامنا للمال ويحاسب بما سار ويؤخذ من تركته ما بقي فكان هذا أحوط من البلاغ، وليس يعني أن يؤاجر مما له غيره لأنه شرط عليه أن يحج بنفسه فانفسخ ذلك بموته إلا أن تكون الحجة إنما جعلت في ذمته. انتهى بلفظه. ويساعد هذا أنه وقع في بعض النسخ والمضمونة كغيرها وعلى النسخة الأولى فأعاد الضمير مذكرا باعتبار النوع أي كالنوع الآخر. ويحتمل أن يريد ما قاله الشارح أن الإجارة المضمونة على الحج كالإجارة على غير الحج في الضمان وعدمه فيكون