التحفة: ولو من التركة وإن قل، وتغير الميت، ما لم يسامح مالكه أيضا. اه. (قوله: وإن لم يطلبه مالكه) غاية في وجوب النبش عند سقوط متمول، أي يجب النبش لأجل إخراج المتمول، وإن لم يطلبه مالكه، لان في إبقائه في القبر إضاعة مال. قال في النهاية: وقيده - أي وجوب النبش - في المهذب: بطلبه له. قال في المجموع: ولم يوافقوه عليه.
ولو بلع مال غيره وطلبه مالكه ولم يضمن بدله أحد من ورثته أو غيرهم - كما نقله في الروضة عن صاحب العدة، وهو المعتمد - نبش، وشدق جوفه، وأخرج منه، ودفع لمالكه. فإن ابتلع مال نفسه فلا ينبش، ولا يشق، لاستهلاكه له حال حياته. اه. بحذف. (قوله: لا للتكفين) معطوف على الغسل، أي لا ينبش لأجل التكفين. وذلك لان الغرض منه الستر. وقد حصل بالتراب مع ما في نبشه من هتك الحرمة. (وقوله: ولا للصلاة) أي ولا ينبش لأجل الصلاة عليه إن دفن بغير صلاة، لأنها تسقط بالصلاة على القبر. (قوله: بعد إهالة التراب عليه) راجع للصورتين، فهو متعلق بالفعل المقدر، أي لا ينبش لما ذكر من التكفين والصلاة بعد إهالة التراب عليه، أي جعل التراب عليه، فإن لم يهل التراب عليه جاز إخراجه لما ذكر، لعدم انتهاك الحرمة حينئذ.
(والحاصل) يحرم نبش الميت بعد دفنه إلا لضرورة، وهي كالصور المارة. وبقي صور للضرورة المجوزة للنبش غير ما ذكره المؤلف، منها: ما لو بشر إنسان بمولود، فقال إن كان ذكرا فعبدي حر، أو أنثى، فأمتي حرة، ودفن المولود قبل العلم بحاله، فينبش، ليعلم من وجدت صفته. أو قال: إن ولدت ذكرا فأنت طالق طلقة، أو أنثى فطلقتين، فولدت ميتا، ودفن، وجهل حاله فالأصح - في الزوائد - نبشه. أو ادعى شخص على ميت بعد دفنه أن امرأته، وأن هذا الولد ولده منها، وطلب إرثه منها. وادعت امرأة أنه زوجها، وأن هذا ولدها منه، وطلبت إرثها منه، وأقام كل بينه، فإنه ينبش، فإن وجد خنثى: قدمت بينة الرجل. أو لحق الميت سيل أو نداوة، فينبش لنقله.
وقد نظم بعض تلك الصور الفقيه محمد بن عبد الولي بن جعمان في قوله:
يحرم نبش الميت إلا في صور * فهاكها منظومة ثنتي عشر من لم يغسل والذي قد بليا * أي صار تربا وكذا إن ووريا في أرض أو ثوب كلاهما غصب * أو بالع مال سواه وطلب أو خاتم ونحوه قد وقعا * في القبر أو لقبلة ما أضجعا أو يدفن الكافر في أرض الحرم * أو يتداعى اثنان ميتا يطم أو يلحق الميت سيل أو ندى * أو من على صورته قد شهدا أو جوفها فيه جنين يرتجى * حياته فواجب أن يخرجا أو قال إن كان جنينها ذكر * فطلقة والضعف للأنثى استقر فيدفن المولود قبل العلم * بحاله هذا تمام النظم والحمد لله وصلى دائما * على النبي أحمد وسلما والآل والصحب جميعا ما همى * غيث ولاح البرق في جوالسما (قوله: في بطنها جنين) أي لم ترج حياته، بأن لم يبلغ ستة أشهر. وإنما قيدنا بذلك لأجل الغاية بعده، لأنه لا يترك الدفن. وهو في بطن أمه إلى أن يتحقق موته إلا في هذه الحالة. أما إذا رجي حياته بقول القوابل لبلوغه ستة أشهر فأكثر، فيجب شق جوفها قبل الدفن ولا يؤخر الدفن، ويترك في بطن أمه حتى يموت، فإن دفنت قبل الشق وجب النبش والشق. (قوله: ويجب شق جوفها إلخ) أي لان مصلحة إخراجه أعظم من مفسدة انتهاك حرمتها. (قوله: والنبش له) أي للشق. (قوله: إن رجي حياته) أي الجنين، وهو قيد لوجوب الشق والنبش له. (وقوله: بقول القوابل) متعلق برجي.