القاضي إلى القاضي، لان الكتاب لا يثبت إلا بتحمل الشهادة من جهة القاضي الكاتب فكان حكمه حكم الشهادة على الشهادة.
(فصل) ولا يجوز الحكم بالشهادة على الشهادة إلا عند تعذر حضور شهود الأصل بالموت أو المرض أو الغيبة، لان شهادة الأصل أقوى لأنها تثبت نفس الحق والشهادة على الشهادة لا تثبت نفس الحق فلم تقبل مع القدرة على شهود الأصل والغيبة التي يجوز بها الحكم بالشهادة على الشهادة أن يكون شاهد الأصل من موضع الحكم على مسافة إذا حضر لم يقدر أن يرجع بالليل إلى منزله فإنه تلحقه المشقة في ذلك. وأما إذا كان في موضع إذا حضر أمكنه أن يرجع إلى بيته بالليل لم يجز الحكم بشهادة شهود الفرع لأنه يقدر على شهادة شهود الأصل من غير مشقة.
(فصل) ولا يقبل في الشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي شهادة النساء لأنه ليس بمال ولا المقصود منه المال وهو مما يطلع عليه الرجال فلم يقبل فيه شهادة النساء كالنكاح (فصل) ولا يقبل الا من عدد لأنه شهادة فاعتبر فيها العدد كسائر الشهادات، وإن كان شهود الأصل اثنين فشهد على أحدهما شاهدان وعلى الآخر شاهدان جاز لأنه يثبت قول كل واحد منهما بشاهدين، وان شهد واحد على شهادة أحدهما وشهد الآخر على شهادة الثاني لم يجز لأنه إثبات قول بشهادة واحد، فإن شهد اثنان على شهادة أحدهما ثم شهدا على شهادة الاخر ففيه قولان (أحدهما) أنه يجوز لأنه إثبات قول اثنين فجاز بشاهدين كالشهادة على إقرار نفسين.
(والثاني) أنه لا يجوز وهو اختيار المزني رحمه الله تعالى لأنهما قاما في التحمل مقام شاهد واحد في حق واحد، فإذا شهدا فيه على الشاهد الاخر سارا كالشاهد إذا شهد بالحق مرتين، وإذا كان شهود الأصل رجلا وامرأتين قبل في أحد القولين شهاد اثنين على شهادة كل واحد منهم، ولا يقبل في الآخر إلا ستة يشهد كل اثنين على شهادة واحد منهم.