قوله (أنهر دمه) أي أسأله، وكل شئ جرى فقد نهر. قوله (أن يعرض) التعريض التورية بالشئ عن الشئ وقد ذكر.
تحمل الشهادة في غير حق الله تعالى فرض كفاية، فإذا قام من يكفي سقط عن بقية المسلمين، وان لم يوجد إلا من يكفي تعين عليه وأداؤها فرض عين على من تحملها متى دعى إليها، وتحل وجوبها أن قدر على أدائها بلا ضرر يلحقه في بدنه أو عرضه أو ماله أو أهله، وكذا في التحمل، ولا يحل كتمانها، ويحرم أخذ أجرة وجعل عليها، ولو لم تتعين عليه، لكن إن عجز عن المشي أو تأذى به فله أجرة مركوب ومن عنده شهادة بحد لله فله إقامتها وتركها، ولا يحل أن يشهد أحد إلا بما يعلمه، والعلم إما برؤية أو سماع أو استفاضة فيما يتعذر علمه بدونها كنسب وموت وملك مطلق ونكاح ووقف ونحوها، ولا يحل لمن تحمل شهادة بحق وأخبره عدل باقتضاء الحق أن يشهد الا به.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب الشهادة على الشهادة وتجوز الشهادة على الشهادة في حقوق الآدميين وفيما لا يسقط بالشبهة من حقوق الله تعالى لآن الحاجة تدعو إلى ذلك عند تعذر شهادة الأصل بالموت والمرض والغيبة وفى حدود الله تعالى، وهو حد الزنا وحد السرقة وقطع الطريق وشرب الخمر قولان.
(أحدهما) أنه يجوز لأنه حق يثبت بالشهادة فجاز أن يثبت بالشهادة على الشهادة كحقوق الآدميين (والثاني) أنه لا يجوز لان الشهادة على الشهادة تراه لتأكيد الوثيقة ليتوصل بها إلى اثبات الحق، وحدود الله تعالى مبنية على الدرء والاسقاط فلم يجز تأكيدها وتوثيقها بالشهادة على الشهادة، وما يثبت بالشهادة على الشهادة يثبت بكتاب القاضي إلى القاضي، وما لا يثبت بالشهادة على الشهادة لا يثبت بكتاب