إلى اثباته بالنظر، وغيره لم يبن على الدرء والاسقاط فجاز أن يتوصل إلى اثباته بالنظر (فصل) وإن كانت الشهادة على قول كالبيع والنكاح والطلاق والاقرار لم يجز التحمل فيها الا بسماع القول ومشاهدة القائل، لأنه لا يحصل العلم بذلك الا بالسماع والمشاهدة، وإن كانت الشهادة على ما لا يعلم الا بالخير وهو ثلاثة:
النسب والملك والموت جاز أن يشهد فيه بالاستفاضة، فإن استفاض في الناس أن فلانا ابن فلان، أو أن فلانا هاشمي أو أموي جاز أن يشهد به، لان سبب النسب لا يدرك بالمشاهدة.
وان استفاض في الناس أن هذه الدار وهذا العبد لفلان جاز أن يشهد به لان أسباب الملك لا تضبط فجاز أن يشهد فيه بالاستفاضة، وان استفاض أن فلانا مات جاز أن يشهد به لان أسباب الموت كثيرة، منها خفية ومنها ظاهرة ويتعذر الوقوف عليها، وفى عدد الاستفاضة وجهان.
(أحدهما) وهو قول الشيخ أبى حامد الأسفرايني رحمه الله أن أقله أن يسمع من اثنين عدلين لان ذلك بينة.
(والثاني) وهو قول أقضى القضاة أبى الحسن الماوردي رحمه الله أنه لا يثبت الا بعدد يقع العلم بخبرهم لان ما دون ذلك من أخبار الآحاد فلا يقع العلم من جهتهم، فإن سمع انسانا يقر بنسب أب أو ابن، فإن صدقه المقر له جاز له أن يشهد به لأنه شهادة على اقرار، وان كذبه لم يجز أن يشهد به لأنه لم يثبت النسب، وان سكت فله أن يشهد به، لان السكوت في النسب رضى بدليل أنه إذا بشر بولد فسكت عن نفيه لحقه نسبه.
ومن أصحابنا من قال لا يشهد حتى يتكرر الاقرار به مع السكوت، وان رأى شيئا في يد انسان مدة يسيرة جاز أن يشهد له باليد، ولا يشهد له بالملك وان رآه في يده مدة طويلة يتصرف فيه جاز أن يشهد له باليد وهل يجوز أن يشهد له بالملك؟ فيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبي سعيد الإصطخري رحمه الله أنه يجوز، لان اليد والتصرف يدلان على الملك.
(والثاني) وهو قول أبي إسحاق رحمه الله أنه لا يجوز أن يشهد له بالملك،