عند الجمهور في حقوق الأبدان التي لا يطلع عليها الرجال غالبا، مثل الولادة والاستهلال وعيوب النساء، ولا خلاف في شئ من هذا الا في الرضاع فإن أبا حنيفة قال لا تقبل فيه شهادتين الا مع الرجال، لأنه عنده من حقوق الأبدان التي يطلع عليها الرجال والنساء، والذين قالوا بجواز شهادتهن منفردات في هذا الجنس اختلفوا في العدد المشترط في ذلك منهن، فقال مالك يكفي في ذلك امرأتان، قيل مع انتشار الامر وقيل وان لم ينتشر وقال الشافعي ليس يكفي في ذلك أقل من أربع لان الله عز وجل قد جعل عديل الشاهد الواحد امرأتين واشترط الاثنينية. وقال قوم لا يكتفى في ذلك بأقل من ثلاث، وهو قول لا معنى له.
وأجاز أبو حنيفة شهادة المرأة فيما بين السرة والركبة، والظاهرية أو بعضهم لا يجيزون شهادة النساء مفردات في شئ كما يجيزون شهادتهن مع الرجال في كل شئ وأما شهادة المرأة الواحدة بالرضاع فإنهما أيضا اختلفوا فيها لقوله عليه السلام في المرأة الواحدة التي شهدت بالرضاع (كيف وقد أرضعتكما) وهذا ظاهره الانكار ولذلك لم يختلف قول مالك في أنه مكروه وقالت الحنابلة: ولا يقبل في الزنا واللواط والاقرار به الا أربعة رجال ويكفى في الشهادة على من أتى بهيمة رجلان، ومن عرف بغنى وادعى أنه فقير ليأخذ من الزكاة لم يقبل الا بثلاثة رجال، ويقبل في بقيه الحدود والقصاص رجلان، ولا تقبل فيه شهادة النساء، وما ليس بعقوبة ولا مال ولا يقصد به المال ويطلع عليه الرجال غالبا كالنكاح والطلاق والرجعة والخلع والنسب يقبل فيه رجلان دون النساء، ويقبل في المال وما يقصد به كالبيع والأجل والخيار فيه ونحوه رجلان أو رجل وامرأتان أو رجل ويمين المدعى، وما لا يطلع عليه الرجال غالبا كعيوب النساء تحت الثياب والبكارة والثيوبة والحيض والولادة والرضاع والاستهلال ونحوه يقبل فيه شهادة امرأة عدل والرجل فيه كالمرأة ومن أتى رجل وامرأتين أو شاهد ويمين فيما يوجب القود لم يثبت به قود ولا مال، وان أتى برجل وامرأتين أو رجل ويمين في سرقة ثبت المال دون القطع