(فصل) وما ليس بمال ولا المقصود منه المال ويطلع عليه الرجال كالنكاح والرجعة والطلاق والعتاق والوكالة والوصية إليه وقتل العمد والحدود سوى حد الزنا لا يثبت إلا بشاهدين ذكرين لقوله عز وجل في الرجعة (وأشهدوا ذوي عدل منكم) ولما روى ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) وعن الزهري أنه قال: جرت السنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده أن لا تقبل شهادة للنساء في الحدود، فدل النص على الرجعة والنكاح والحدود، وقسنا عليها كل ما لا يقصد به المال ويطلع عليه الرجال. وإن اتفق الزوجان على النكاح واختلفا فيه للصداق، ثبت الصداق بالشاهد والمرأتين لأنه اثبات مال، وإن ادعت المرأة الخلع وأنكر الزوج لم يثبت الا بشهادة رجلين وان ادعى الزوج الخلع وأنكرت المرأة ثبت بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين، لان بينة المرأة لاثبات الطلاق وبينة الرجل لاثبات المال وان شهد رجل وامرأتان بالسرقة ثبت المال دون القطع، وان شهد رجل وامرأتان بقتل العمد لم يثبت القصاص ولا الدية، والفرق بين القتل والسرقة أن قتل العمد في أحد القولين يوجب القصاص والدية بدل عنه تجب بالعفو عن القصاص، وإذا لم يثبت القصاص لم يثبت بدله، وفى القول الثاني يوجب أحد البدلين لا بعينه. وإنما يتعين بالاختيار، فلو أوجبنا الدية دون القصاص أوجبنا معينا، وهذا خلاف موجب القتل، وليس كذلك السرقة فإنها توجب القطع والمال على سبيل الجمع، وليس أحدهما بدلا عن الآخر فجاز أن يوجب أحدهما دون الآخر.
(فصل) ولا يقبل في موضحة العمد الا شاهدان ذكران لأنها جناية توجب القصاص، وفى الهاشمة والمنقلة قولان (أحدهما) أنه لا يثبت الا بشاهدين ذكرين لأنها جناية تتضمن القصاص (والثاني) أنها تثبت بالشاهد والمرأتين، لان الهاشمة والمنقلة لا قصاص فيهما، وإنما القصاص في ضمنهما فثبت بالشاهد والمرأتين، فعلى هذا يجب أرش الهاشمة والمنقلة، ولا يثبت القصاص