قال مالك: الامر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الذي يجلد الجلد ثم تاب وأصلح تجوز شهادته، وهو أحب ما سمعت إلى في ذلك وعليه الشافعي وذهب أبو حنيفة إلى أن شهادة القاذف لا ترد بالقذف، فإذا حد ردت شهادته على التأييد وان تاب وأصل المسألة أن الاستثناء يعود إلى الفسق فقط في قول أهل الحجاز العراق وإلى الفسق وعدم قبول الشهادة جميعا فيقول أهل الحجاز وقال الشافعي هو قبل أن يحد شر منه حين يحد، لان الحدود كفارات فكيف تردونها في أحسن حاليه وتقبلونها في شر حاليه، وإذا قبلتم توبة الكافر والقاتل عمدا كيف ولا تقبلون توبة القاذف وهو أيسر ذنبا؟ قيل معنى قول أبي حنيفة أن القاذف ما لم يحد يحتمل أن يكون صادقا وأن يكون معه شهود تشهد بالزنا، فإذا لم يأت بالشهداء وأقيم عليه الحد صار مكذبا بحكم الشرع فوجب رد شهادته ثم رد شهادة المحدوه في القذف تأبيدي، ولا تجوز شهادة أهل الزور لان صنيعهم من أكبر الكبائر.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب عدد الشهود لا يقبل في الشهادة على الزنا أقل من أربعة أنفس ذكور لقوله تعالى (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا) الآية وروى أن سعد بن عبادة قال يا رسول الله أرأيت ان وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال نعم.
وشهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة: أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد، وقال زياد رأيت استا تنبو ونفسا يعلو ورجلان كأنهما أذنا حمار لا أدرى ما وراء ذلك، فجلد عمر رضي الله عنه الثلاثة ولم يجلد المغيرة.
ولا يقبل في اللواط إلا أربعة لأنه كالزنا في الحد فكان كالزنا في الشهادة، فأما إتيان البهيمة فإنا إن قلنا إنه يجب فيه الحد فهو كالزنا في الشهادة لأنه كالزنا