فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٤ - الصفحة ٤٤٧
وقد صرح به كثيرون واختلفوا في أن الأيام الأربعة كيف تحتسب على وجهين مذكورين في التهذيب وغيره (أحدهما) أنه يحتسب يوم الدخول والخروج كما يحسب يوم الحدث ويوم نزع الخف في مدة المسح (وأصحهما) لا لان المسافر لا يستوعب النهار بالسير إنما يسير في بعضه وهو في يومي الدخول والخروج سائر في بعض النهار ولأنه في يوم الدخول في شغل الحط وتنضيد الأمتعة ويوم الخروج في شغل الارتحال وهما من اشغال السفر فعلى الأول لو دخل يوم السبت وقت الزوال على عزم الخروج يوم الأربعاء وقت الزوال فقد صار مقيما لبلوغ المكث في البلد أربعة أيام وعلى الثاني لا يصير مقيما وان دخل ضحوة يوم السبت على عزم الخروج عشية يوم الأربعاء وقال صاحب الكتاب وشيخه متى نوى إقامة زيادة على ثلاثة أيام فقد صار مقيما وهذا الذي ذكرناه يوهم انه على خلاف قول الجمهور لأنهم احتملوا ما دون الأربعة وان زاد على الثلاثة وهما لم يحتملا زيادة وهو كذلك من حيث الصورة لكن لا خلاف في الحقيقة لأنهم احتملوا زيادة لا تبلغ الأربعة غير يومي الدخول والخروج وهما لم يحتملا زيادة على الثلاثة غير يومي الدخول والخروج وقرض الزيادة على الثلاثة بحيث لا تبلغ الأربعة ويكون غير يومى الدخول والخروج مما لا يمكن وقد روى " ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام حجة الوداع يوم الأحد وخرج يوم الخميس إلى منى كل ذلك يقصر " (1) ثم الأيام المحتملة معدودة مع الليالي لا محالة وإذا نوى إقامة القدر الذي لا يحتمل فيصير مقيما في الحال ولا يتوقف على انقضاء المدة المحتملة ولو دخل ليلا لم يحتسب بقيه الليل ويحتسب الغد وجميع ما ذكرنا في غير المحارب فاما المحارب إذا نوى الإقامة قدرا لو نواه غيره لصار مقيما ففيه قولان حكاهما الشيخ أبو حامد وكثير من الأئمة (أحدهما) لا يصير مقيما وله القصر أبدا لأنه قد يضطر إلى الارتحال فلا يكون له قصد جازم (وأصحهما) انه يصير مقيما كغيره وهذا هو الموافق لاطلاق لفظ الكتاب
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست