الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ١ - الصفحة ٣٠٠
من صيده أو ذبح من صيد غيره فهو حرام عليه وعلى كل حلال، ولا يحل له ولا للحلال أكله في حكم ذي الجلال، وإنما قلنا بذلك وكان الامر فيه عندنا كذلك لان الله سبحانه يقول: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم﴾ (29) فلما أن حرم الله قتل الصيد على المحرمين لم يجز لهم ذبحه لان الذبح هو القتل فكان ما قتل منه المحرم فاسد الذكاة غير ذكي، ولا حلال الاكل ولا ذكي، فلما أن فسد على ذابحه ذبحه ولم يتم له ذكاته لما كان من احرامه وتحريم الله عليه في تلك الحال لاصطلامه، كان كمن قتل بهيمة قتلا، ولم يذبحها كما أمره الله ذبحا، فحرمت على الآكلين بقتله إياها، واحداثه ما أحدث من خلاف ما أمره به فيها، فكذلك أيضا تحريم ما ذبح المحرم من الصيد لمخالفة الذابح لربه في ذبحه، فكان ذبح المحرم للصيد، وقد حرم عليه ذبحه كقتل الحلال من الدواب، ما أمر بتذكيته، فلذلك قلنا إنه لا يجوز لحلال ولا لمحرم أكل ما ذبح المحرم، لأنه قد نهى عن ذبحه وحرم عليه ذلك من فعله، كما قلنا إن أكل كلما قتله من النعم قاتل بوقذ أو بضرب أو غير ذلك مما لا يكون لما قتله قاتله له مذكيا حرام أكله على قاتله وغيره، لان الموقوذة إنما حرم أكلها بتحريم الله له، وكذلك ما ضرب بالعصا حتى يقتل فهو حرام على قاتله وغيره، وإنما حرم هذا لحظر الله له فكذلك حرم ما قتل المحرم بذبح أو غيره من الصيد بتحريم الله لقتله عليه.
قال يحيى بن الحسين عليه السلام: فإن اضطر مضطر محرم إلى أكل الصيد أو الميتة كان له أن يأكل من الميتة دون الصيد، فان خاف على نفسه من الميتة أكل من الصيد وفدى، ولا يجوز له أكله إلا من بعد المخافة على نفسه.

(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»
الفهرست