يجب قضاؤهما فان القاضي يفرغ ذمة نفسه أو ذمة الميت، وليس القضاء من باب التوبة، أو من باب الكفارة بل هو اتيان لما كانت الذمة مشغولة به، ولا فرق بين كون الاشتغال بالمال أو بالعمل، بل مثل قوله: لله على أن اعطى زيدا درهما، دين الهى لا خلقي فلا يكون الناذر مديونا لزيد بل هو مديون لله بدفع الدرهم لزيد، ولا فرق بينه وبين أن يقول: لله على أن أحج أو أن اصلى ركعتين، فالكل دين الله، ودين الله أحق أن يقضى، كما في بعض الأخبار، ولازم هذا كون الجميع من الأصل نعم إذا كان الوجوب على وجه لا يقبل بقاء شغل الذمة به بعد فوته لا يجب قضاؤه، لا بالنسبة إلى نفس من وجب عليه، ولا بعد موته، سواء كان مالا أو عملا مثل وجوب اعطاء الطعام لمن يموت من الجوع عام المجاعة، فإنه لو لم يعطه حتى مات لا يجب عليه ولا على وارثه القضاء، لأن الواجب انما هو حفظ النفس المحترمة، وهذا لا يقبل البقاء بعد فوته، وكما في نفقة الأرحام فاه لو ترك الانفاق عليهم مع تمكنه لا يصير دينا عليه، لأن الواجب سد الخلة، وإذا فات لا يتدارك، فتحصل ان مقتضى القاعدة في الحج النذري إذا تمكن وترك حتى مات وجوب قضائه من الأصل، لأنه دين الهي الا أن يقال بانصراف الدين عن مثل هذه الواجبات، وهو محل منع، بل دين الله أحق أن يقضى، وأما الجماعة القائلون بوجوب قضائه من الثلث فاستدلوا بصحيحة ضريس وصحيحة ابن أبي يعفور الدالتين على أن من نذر الاحجاج ومات قبله يخرج من ثلثه، وإذا كان نذر الاحجاج كذلك مع كونه ماليا قطعا فنذر الحج بنفسه أولى بعدم الخروج من الأصل، وفيه ان الأصحاب لم يعملوا بهذين الخبرين (1) في موردهما، فكيف يعمل بهما في غيره؟ وأما الجواب عنهما بالحمل على صورة كون النذر في حال المرض بناءا على خروج المنجزات من الثلث، فلا وجه له بعد كون الأقوى خروجها من الأصل، وربما يجاب عنهما بالحمل على صورة عدم اجراء الصيغة أو على صورة عدم التمكن من الوفاء حتى مات، وفيهما ما لا يخفى خصوصا الأول.
(٢٢٠)