الموت أو الفوت فلا يجب عليه المبادرة الا إذا كان هناك انصراف، فلو مات قبل الاتيان به في صورة جواز التأخير لا يكون عاصيا، والقول بعصيانه مع تمكنه في بعض تلك الأزمنة وان جاز التأخير لا وجه له، وإذا قيده بسنة معينة لم يجز التأخير مع فرض تمكنه في تلك السنة فلو أخر عصى وعليه القضاء والكفارة، وإذا مات وجب قضاؤه عنه، كما أن في صورة الاطلاق إذا مات بعد تمكنه منه قبل اتيانه وجب القضاء عنه، والقول بعدم وجوبه بدعوى أن القضاء بفرض جديد (1) ضعيف لما يأتي، وهل الواجب القضاء من أصل التركة أو من الثلث؟ قولان، فذهب جماعة إلى القول بأنه من الأصل، لأن الحج واجب مالي واجماعهم قائم على أن الواجبات المالية تخرج من الأصل، وربما يورد عليه بمنع كونه واجبا ماليا، وانما هو أفعال مخصوصة بدنية، وإن كان قد يحتاج إلى بذل المال في مقدماته، كما أن الصلاة أيضا قد تحتاج إلى بذل المال في تحصيل الماء والساتر والمكان ونحو ذلك، وفيه أن الحج في الغالب محتاج إلى بذل المال بخلاف الصلاة وسائر العبادات البدنية، فإن كان هناك اجماع أو غيره على أن الواجبات المالية تخرج من الأصل يشمل الحج قطعا، وأجاب صاحب الجواهر بأن المناط في الخروج من الأصل كون الواجب دينا، والحج كذلك (2) فليس تكليفا صرفا، كما في الصلاة والصوم بل للأمر به جهة وضعية، فوجوبه على نحو الدينية، بخلاف سائر العبادات البدنية، فلذا يخرج من الأصل كما يشير اليه بعض الأخبار الناطقة بأنه دين أو بمنزلة الدين، قلت: التحقيق أن جميع الواجبات الإلهية ديون لله تعالى، سواء كانت مالا أو عملا ماليا أو عملا غير مالي، فالصلاة والصوم أيضا ديون لله ولهما جهة وضع، فذمة المكلف مشغولة بهما ولذا
(٢١٩)