تعاليق مبسوطة - الشيخ محمد إسحاق الفياض - ج ٦ - الصفحة ٢٧١

____________________
وثانيا: ان الملاك المبرر لحمل المطلق على المقيد لدى العرف العام انما هو وجود التنافي بينهما سواء أكان ذلك التنافي متمثلا في الايجاب والسلب أم كان متمثلا في وحدة الحكم وحدة شخصية في طرف المطلق وأما إذا لم يكن تناف بينهما كذلك كما إذا كانا مثبتين وكان الحكم في طرف المطلق انحلاليا فلا يكون الدليل المقيد ظاهرا عرفا في عدم ثبوت الحكم للمطلق بل هو ظاهر في ان اخذه في لسانه اما بملاك اهتمام المولى به وان ملاك الحكم في افراد هذه الحصة أكد واهم من ملاكه في افراد سائر الحصص وهذا المقدار يكفى لتبريره وعدم كونه لغوا وجزافا أو بملاك أجزء وعلى هذا فتخصيص وجوب الصوم بالمسلمين في الآية الشريفة اما ان يكون مبنيا على أساس ما أشرنا إليه من النكتة أو على أساس ان الغرض من وراء التكليف بما انه بعث المكلف وتحريكه نحو الفعل فهو لا يتحقق إلا فيهم فاذن لا موجل لحمل المطلقات عليها على ضوء حمل المطلق على المقيد ومن هنا يظهر ان خروج المقيد عن اللغوية لا ينحصر بكونه قيدا للموضوع وشرطا للحكم في مرحلة الاعتبار وللملاك في مرحلة المبادئ لان النكتة التي تبرر أخذه في لسان الدليل تختلف باختلاف الموارد والمقامات فقد تكون ذلك وقد تكون أمرا آخر فالمعيار انما هو بوجود المبرر لاخذه أيا كان.
ومنها: قوله تعالى: (ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) (1) بتقريب أن تقييد وجوب الصلاة بالمؤمنين يدل على عدم وجوبها على غيرهم.
والجواب أولا: أن الآية الشريفة لا تدل على أن الايمان شرط لوجوب الصلاة، بل الظاهر منها، ولا سيما بقرينة أنها تعليل لما في مجموعة من الآيات التي سبقتها التي وردت لبيان وظيفة المؤمنين في الصلاة في السفر، وفي حال الخوف من العدو، وفي حال الاطمئنان والاستقرار، أن التقييد فيها انما هو بلحاظ ان الايمان دخيل في الالتزام بها عملا في كل حال، فمن أجل ذلك كانت

(1) النساء آية: 103.
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 276 277 ... » »»