الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٥٤٣
في التجنيس.
وكل نجاسة تجب إزالة قليلها وكثيرها، فإنه يجب إزالتها عن الثياب والأبدان أدركها الطرف أو لم يدركها إذا تحقق ذلك، فإن لم يتحقق ذلك وشك فيه لم يحكم بنجاسة الثوب إلا ما أدركه الحس فمتى لم يدركها فالثوب على أصل الطهارة، وليس لغلبة الظن هاهنا حكم لأنه مذهب أبي حنيفة، فإن وجد في بعض كتبنا وتصنيف أصحابنا شئ من ذلك فإنه محمول على التقية. وقال بعض أصحابنا: إذا ترشش على الثوب أو البدن مثل رؤوس الإبر فلا ينجس بذلك، والصحيح الأول لأن الاجماع على ذلك حاصل.
وإذا تحقق حصول النجاسة في الثوب ولم يعلم موضعه بعينه، وجب غسل الثوب كله، وإن علم أنه في موضع مخصوص وجب غسل ذلك الموضع لا غير، ولا يتعدى إلى غير ذلك الموضع سواء كانت النجاسة رطبة أو يابسة، وإن علم أن النجاسة حصلت في أحد الكمين ولم يتميز، غسلهما معا ولم يجز له التحري.
الماء الذي ولغ فيه الكلب والخنزير إذا أصاب الثوب وجب غسله لأنه نجس، وإن أصابه من الماء الذي يغسل به الإناء فإن كان من الغسلة الأولة يجب غسله، وإن كان من الغسلة الثانية أو الثالثة لا يجب غسله.
وقال بعض أصحابنا: لا يجب غسله سواء كان من الغسلة الأولة أو الثانية وما اخترناه المذهب. قال السيد المرتضى في الناصريات: قال الناصر: ولا فرق بين ورود الماء على النجاسة وبين ورود النجاسة على الماء. قال السيد: وهذه المسألة لا أعرف فيها نصا لأصحابنا ولا قولا صريحا، والشافعي يفرق بين ورود الماء على النجاسة وورودها عليه فيعتبر القلتين في ورود النجاسة على الماء ولا يعتبر في ورود الماء على النجاسة، وخالفه سائر الفقهاء في هذه المسألة، ويقوى في نفسي عاجلا إلى أن يقع التأمل لذلك صحة ما ذهب إليه الشافعي، والوجه فيه: إنا لو حكمنا بنجاسة الماء القليل الوارد على النجاسة لأدى ذلك أن الثوب لا يطهر من النجاسة إلا بإيراد كر من الماء عليه وذلك يشق، فدل على أن الماء إذا ورد على النجاسة لا يعتبر فيه القلة والكثرة كما يعتبر فيما يرد النجاسة عليه. قال محمد بن إدريس رحمه الله: وما قوي في نفس السيد صحيح مستمر على أصل المذهب وفتاوى الأصحاب.
(٥٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 ... » »»
الفهرست