الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٥٤٠
مسفوحا، ودم البراغيث والبق ليس بمسفوح وليس هذا اعتمادا على تعلق الحكم بصفة، وتعويلا على دليل الخطاب، بل الحكم يتعلق بشرط متى لم يقصر عليه لم يكن مؤثرا، وخرج من أن يكون شرطا على ما ذكرناه فيما تقدم، فإن عورضنا بعموم قوله تعالى: حرمت عليكم الميتة والدم، كان الكلام على ذلك ما تقدم على ما اخترناه إجماع أصحابنا وفتاويهم وتصانيفهم، فمنهم السيد المرتضى رضي الله عنه يفتي به في مسائل خلافه ويناظر الخصم عليه، وكذلك شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله يفتي به في مسائل خلافه ويناظر الخصم عليه. فأما قوله في جمله وعقوده: النجاسة على ضربين: دم وغير دم، وعد دم السمك وأدخله في جملة عموم قوله: ا لنجاسة، فتسامح وتساهل في التصنيف على ما قدمناه واعتذرنا لمن وجد ذلك في كلامه وتصنيفه بأن العموم مخصوص بالأدلة وقد يوجد مثل ذلك في كلام الله سبحانه وكلام أنبيائه وأئمته عليهم السلام وإلا يكون ذلك مناقضة في الأدلة وذلك لا يجوز بغير خلاف.
وجملة الأمر وعقد الباب أن الدم على تسعة أقسام:
ثلاثة منها قليلها وكثيرها طاهر، وهي دم السمك والبق والبراغيث وما ليس بمسفوح وقد مضى القول فيه.
وثلاثة منها قليلها وكثيرها نجس، لا يجوز الصلاة في ثوب ولا بدن أصابه منها قليل ولا كثير إلا بعد إزالته بغير خلاف عندنا، وهي دم الحيض والاستحاضة والنفاس.
ودمان نجسان إلا أنهما عفت الشريعة عمن هما به ولا يمكنه التحرز منهما في كل وقت بأن يكونا على صفة من السيلان بأن لا يرقيا في وقت من الأوقات، وهما الجراح الدامية والقروح اللازمة، فلا بأس بالصلاة في الثوب والبدن إذا كانا على هذه الصفة وهما فيهما كثرا أو قلا للمكلف الذي هما به فحسب من غير اعتبار الدرهم وسعته، فإذا انقطع سيلانهما عمن هما به اعتبر ما يعتبره غيره من سعة الدرهم وأقل من ذلك، وعمل عليه على ما يأتي بيانه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
والدم التاسع ما عدا ما ذكرناه من الثمانية الأجناس وهو دم باقي سائر الحيوان سواء كان مأكول اللحم أو غيره نجس العين أو غير نجس العين.
وقد ذكر بعض أصحابنا المتأخرين من الأعاجم وهو الراوندي المكنى بالقطب: أن دم الكلب
(٥٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 ... » »»
الفهرست