الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٥١٥
باب أحكام الحيض والاستحاضة والنفاس:
الحيض والمحيض عبارتان عن معنى واحد، وهو الدم الأسود الخارج بحرارة ودفع في أغلب الأوقات والأحوال في زمان مخصوص من شخص مخصوص. فهذا الحد أسلم من حد من قال: إن الحائض هي التي ترى الدم الأسود الحار الذي له دفع. وبهذه الصفات يتميز من دم الاستحاضة والعذرة والقرح وغيرها، وهذا لا يصح لأنها لو رأت الدم بهذه الصفات في أقل من ثلاثة أيام لم يكن حيضا بالإجماع، وكذلك لو رأته بعد العشرة الأيام بهذه الصفات لم يكن حيضا، وإن شئت قلت: هو الدم الذي له تعلق بانقضاء العدة على وجه إما بظهوره أو بانقطاعه، فقولنا: " بظهوره " المراد به أنها إذا رأت المطلقة الدم الثالث أول قطرة منه بانت على الصحيح من الأقوال، هذا إذا كانت لها عادة مستقيمة ورأته فيها لأن العادة والغالب كالمتيقن في حكم الشرعيات، فأما إذا لم يكن لها عادة مستقيمة فلا تخرج من العدة برؤية القطرة من الدم الثالث إلا بعد اليقين بأن ذلك الدم دم حيض، وهو أن يتوالى ثلاثة أيام متتابعة لأنها في العدة بيقين، ولا يجوز أن يخرج من اليقين إلا بيقين مثله، ولا يقين لها إذا رأت القطرة إلا إذا دام ثلاثة أيام إلا أن تراه في أيام عادتها المستقيمة فيحكم بأنه حيض لما قدمناه من أن العادة والأغلب كالمتيقن الحاصل فليلحظ هذا الموضع وليتأمل.
وبعض أصحابنا قال: إن كان طلاقها في أول طهرها قلت بذلك وإن كان طلقها في آخر طهرها فلا تخرج من العدة إلا بعد انقطاعه واستيفاء أيامه، فهذا معنى قولهم بظهوره أو بانقطاعه على هذا القول والمذهب، وهو مذهب شيخنا المفيد محمد بن محمد النعمان، والأول مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي: وهو أنها تخرج من العدة برؤية القطرة من الدم الثالث، وقد قلنا ما عندنا في ذلك وحققناه، وهو أنها إن كانت لها عادة مستقيمة مستمرة فمذهب شيخنا أبي جعفر وقوله صحيح، وإن لم يكن لها عادة مستمرة فلا تخرج من العدة إلا بعد استيفاء ثلاثة أيام متتابعات لأنها في العدة بيقين فلا يخرج من اليقين إلا بيقين مثله فهذا تحرير القولين.
(٥١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 ... » »»
الفهرست