إلى آخر الغسل والوضوء بل يلزم استمراره على حكم النية، ومعنى ذلك ألا ينتقل من تلك النية إلى نية تخالفها، فإن انتقل إلى نية تخالفها وقد غسل بعض أعضاء الطهارة ثم تمم ذلك لم يرتفع حدثه فيما غسل بعد نقل النية ونقضها، فإن رجع إلى النية الأولى نظرت، فإن كانت الأعضاء التي وضأها ندية بعد بنى عليها، وإن كانت قد نشفت استأنف الوضوء كمن قطع الموالاة.
فأما في غسل الجنابة فإنه يبني على كل حال لأن الموالاة ليست شرطا فيها والتسمية عند الطهارة مستحبة غير واجبة.
فأما نية هذا الغسل فإن كان الجنب عليه صلاة واجبة، أو قد دخل عليه وقت صلاة واجبة، أو قد تعين عليه طواف واجب وأراد الاغتسال من جنابته، فيجب عليه أن ينوي الاغتسال لرفع الحدث واجبا قربة إلى الله تعالى، ويكون الغسل هاهنا واجبا عليه وكذلك النية لأن الغسل طهارة كبرى هي شرط في استباحة الصلاة، فمهما لم تجب الصلاة على الجنب لا تجب عليه هذه الطهارة التي هي شرط فيها، فإن لم يدخل عليه وقت صلاة واجبة ولا عليه صلاة ولا تعين عليه طواف واجب فغسله ونيته مندوبان.
والذي يدل على ذلك ما ذكره محققوا هذا الفن ومصنفوا كتب أصول الفقه، وهو أن الغسل قبل وقت الصلاة المفروضة والطواف المفروض، لا يشارك الغسل بعد دخول الوقت في وجه الوجوب، لأن وجه وجوب الغسل كونه شرطا في صلاة هي واجبة على المكلف المغتسل في الحال وذمته مشغولة بها، وهذا الوجه غير قائم في الغسل قبل دخول وقت الصلاة المفروضة، وقد ورد عن الأئمة ع ما يدل بصريحه وفحواه على ما ذكرناه، وقد أورد بعضه الشيخ السعيد أبو جعفر الطوسي رضي الله عنه في كتابه تهذيب الأحكام، قال: روى فلان عن فلان ورفع الحديث إلى الصادق ع قال قلت له: امرأة جامعها زوجها فقامت لتغتسل فهي في المغتسل جاءها دم الحيض قبل أن تغتسل أ تغتسل من جنابتها أم لا؟ فقال عليه السلام: قد جاءها شئ يفسد عليها الصلاة لا تغتسل. أ لا تراه عليه السلام إنما علقه بالصلاة ولأجل الصلاة، فلما سقط تكليفها بالصلاة لأجل الحيض قال:
لا تغتسل، إنما كانت تغتسل لأجل الصلاة لا لشئ سوى ذلك.