الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٥٢٠
أنها غير مكلفة بهما فحينئذ يجب عليها تركهما، لما أصلناه من أنها لا تترك اليقين بالشك فليلحظ ذلك ويحقق.
إلا أن تكون لها عادة مستقيمة مستمرة فترى الدم في أولها يوما أو يومين فالواجب عليها عند رؤية الدم ترك الصلاة والصيام، لأن العادة تجري عندهم مجرى المتيقن، وكذلك الأغلب يجري مجرى المعلوم، فهذه بخلاف تلك في الحكم لما بيناه ونبهنا على دليله ومفارقته لحكم غيره، أو ترى بعد العادة المستقيمة الصفرة أو الكدرة قبل خروج العشرة الأيام وبعد عادتها، إذا كانت عادتها أقل من عشرة أيام فحينئذ يجب عليها ترك الصلاة والصوم والاستظهار بيوم أو يومين أو ثلاثة لأنها بحكم الحائض لا أنها ترى النقاء وتترك الصلاة على ما يظنه من لا بصيرة له، وقد حقق ذلك شيخنا في الاستبصار.
والحبلى الحامل المستبين حملها اختلف قول أصحابنا واختلف أخبارهم، فبعض منهم يقول: أنها تحيض وحكمها حكمها قبل حملها، ومنهم وهم الأكثرون المحصلون يذهبون:
إلى أنها لا ترى دم الحيض ولا تحيض وأي دم تراه فهو دم استحاضة أو فساد.
وهذا هو الصحيح وبه أفتى وأعمل والدليل على ذلك الحاسم للشغب أنه لا خلاف بين المخالف منهم في المسألة والمؤالف، أن طلاق الحائض المدخول بها التي ما غاب زوجها عنها غيبة مخصوصة لا يقع ولا يجوز، وإنه بدعة محظور لا تبين به ولا يقع جملة. هذا إجماعهم عليه بغير خلاف، ولا خلاف أيضا بين الفريقين بل الاجماع منعقد من أصحابنا جميعهم: أن طلاق الحامل يقع على كل حال سواء كانت وقت طلاقها عالمة بالدم متيقنة له أو لم تكن، كذلك فلو كانت الحامل تحيض وترى دم الحيض لما جاز طلاقها في حال حيضها ولتناقضت الأدلة وبطل الاجماع من الفريقين وهذا أمر مرغوب عن المصير إليه والوقوف عليه، وقد بينا أنه لا يجوز لزوجها مجامعتها في قبلها خاصة لموضع الدم وله مجامعتها فيما دون ذلك من سائر بدنها دبرا كان أو غيره على الأصح الأظهر من المذهب، وبعض أصحابنا يذهب إلى تحريم وطئها في دبرها كتحريم وطئها في قبلها، وهو السيد المرتضى في مسائل خلافه، والدليل على ما اخترناه قوله تعالى: فاعتزلوا النساء في المحيض، لا يخلو المراد به اعتزلوا النساء في زمان
(٥٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 ... » »»
الفهرست