الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٥٠٨
المرة الواحدة، وصور الصورة في غسل الجنابة. قال السيد عليه: إنما أوجبه من أوجبه لأن كون الجنابة علة عند من قال بالعلل والقياس لا لتكرر الأمر واقتضائه التكرار بل لتكرر العلة التي هي الجنابة فلما تكررت تكرر معلولها قال ذلك دافعا للخصم وملزما له ما يلتزم به من مذهبه ورادا عليه ما يعتقده من كون العلل لها في الشرعيات، وحاشى السيد من أن يكون هذا اعتقاده ومذهبه يدل على ما ذكرته من مقصود السيد المرتضى رضي الله عنه ما ذكره شيخه المفيد محمد بن محمد بن النعمان رحمه الله في كتابه أصول الفقه في هذا الفصل بعينه في آخر الفصل بعد إيراد أدلة واحتجاجات كثيرة.
قال: فصل: مع أن أكثر المتفقهة إنما أوجبوا تكرار الغسل بتكرر الجنابة وتكرار الحد بتكرار الزنى لما ذهبوا إليه من كون الجنابة علة للغسل أو كون الزنى علة في الحد ولم يوجبوا ذلك بالصفة حسب، وهذا أيضا يسقط ما ظنه صاحب الاستدلال، هذا آخر كلام الشيخ المفيد.
والذي يزيد مقصود السيد المرتضى بيانا ويوضحه برهانا ما أورده وذكره في مسائل خلافه في الجريدة، قال السيد: عندنا أن من السنة أن يدرج مع الميت في أكفانه جريدتان خضراوان رطبتان قدر كل واحدة منهما عظم الذراع، وخالف من عدا فقهاء الشيعة في ذلك دليلنا على ما ذهبنا إليه ما رواه فلان عن فلان وأورد أخبارا عدة من طرق الخاصة والعامة وطول في الإيراد نحوا من صفحة ثم بعد ذلك قال: من طريق الاستدلال. وقد سأل بعض أصحابنا الماضين رحمهم الله نفسه في هذا المعنى، فقال: إن قال قائل ما معنى وضعكم الجريدة مع الميت في أكفانه؟ ثم قال: قيل له: ما معنى الدور حول البيت وتقبيل الحجر وحلق الرأس ورمى الجمار؟ فكل ما أجاب به في ذلك فهو في جوابنا بعينه في الجريدة، ثم قيل له: إن الذي تعبدنا بغسل الميت وتكفينه هو الذي تعبدنا بوضع الجريدة والحنوط معه في أكفانه ولا معنى غيره، وإلا فلأي معنى أوجب الله تعالى غسل الميت وقد مات وسقطت الفرائض عنه والطهارة؟ إنما تجب لأداء الفرائض.
قال السيد المرتضى: وهذا كلام سديد في موضعه، أ لا ترى أن السيد رحمه الله قد أورد هذا الكلام عن أصحابه إيراد راض به متعجب منه، ونكتة ذلك والمقصود والمراد قوله: الطهارة إنما تراد لأداء الفرائض، فغسل الجنابة طهارة بلا خلاف فلا يجب إلا لأداء الفرائض، ثم قال
(٥٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 ... » »»
الفهرست