لأجل الاجماع والأدلة، وبقي ما عداه على ما أصلناه من أن ترك الواجب قبيح، والإخلال بالفرض المتعين لا يجوز، على أن بعض أصحابنا وهو شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان رحمه الله يذهب إلى: أن تارك الصلاة في أول وقتها من غير عذر مخل بواجب تارك له معاقب مأثوم إلا أنه إذا فعله يعفو الله عن ذنبه تفضلا منه ورحمة، ذكر ذلك في كتبه وحكاه عنه تلميذه شيخنا أبو جعفر الطوسي رضي الله عنه في عدته، وربما قواه أبو جعفر في بعض الأوقات وربما زيفه في وقت آخر.
فإن اعترض معترض وخطر بالبال فقال: قد بقي سؤال، وهو إن كان غسل الجنابة لا يجب إلا عند دخول وقت الصلاة على ما قررته وشرحته، فما تقول إذا جامع الانسان امرأته أو احتلم في ليل رمضان وترك الاغتسال متعمدا حتى يطلع الفجر وقال: أنا لا أريد أن اغتسل لأن الغسل عندك قبل طلوع الفجر مندوب غير واجب على ما ذهبت إليه، فقال هذا المكلف: لا أريد أن أفعل المندوب الذي هو الاغتسال في هذا الوقت الذي هو قبل طلوع الفجر بلا تأخير ولا فصل، فإن قلت: يجب عليه في هذا الوقت الاغتسال سلمت المسألة بغير إشكال لأنه غير الوقت الذي عينته لوجوب الاغتسال، وإن قلت: لا يغتسل، خالفت الاجماع وفيه ما فيه من الشناع، وعندنا بأجمعنا: أن الصيام لا يصح إلا لطاهر من الجنابة قبل طلوع فجره، وإنه شرط في صحة صيامه بغير خلاف فيجب حينئذ الاغتسال لوجوب ما لا يتم الواجب إلا به، وهذا مطرد في الأدلة، والاعتلال قيل: ينحل هذا الإشكال ويزول هذا الخيال من وجهين اثنين: وهو أن الأمة بين قائلين: قائل يقول بوجوب هذا الاغتسال في جميع الشهور والأوقات والأيام والساعات، وهذا المعترض منهم. وقائل يقول بوجوبه فيما عيناه وشرحناه، وليس هاهنا قائل ثالث بأنه ندب في طول أوقات السنة ما عدا الأوقات التي عينتموها وواجب في ليالي شهر رمضان فانسلخ من الاجماع بحمد الله تعالى كما تراه، وحسبه بهذا عارا وشنارا.
فأما الوجه الآخر وهو قوله: كل ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب مثله، فصحيح ظاهره ومعناه إلا أن مسألتنا ليست من هذا الإلزام بسبيل ولا من هذا القول بقبيل لأن الواجب الذي هو صيام رمضان يتم من دون نية الوجوب للاغتسال، وهو أن تغتسل لرفع الحدث مندوبا