الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٤٩٧
يقدم غسل رأسه ثم ميامن جسده ثم مياسره، فإن أخر مقدما أو قدم مؤخرا رجع فتداركه كما قلنا في الوضوء، فإن غسل الانسان مياسره أولا ثم رأسه ثانيا ثم ميامنه ثالثا، فإن كان نوى عند المضمضة والاستنشاق أو عند غسل اليدين المستحب أو عند غسل رأسه فلا يجب عليه إعادة غسل رأسه ثانيا ولا إعادة غسل ميامنه لأنها قد حصلت مرتبة بل يجب عليه إعادة غسل مياسره ثانيا ولا يجزئه ما فعله من غسلها، فإن كان لم ينو عند المضمضة ولا عند غسل يديه ولا عند غسل رأسه فإنه يجب عليه إعادة غسل رأسه ثانيا وإعادة غسل ميامنه لأنه حصل مغسولا بغير نية الطهارة فليلحظ ذلك ويتأمل، وهكذا إذا غسل ميامنه أولا ثم رأسه ثانيا ثم مياسره ثالثا القول في ذلك على ما حررناه وبيناه، فالطريقة واحدة والله الموفق للصواب.
والموالاة التي أوجبناها في الوضوء لا تجب في الغسل وجائز أن يفرقه كما أنه يغسل رأسه في أول النهار ويتم الباقي من جسده في وقت آخر، فإن أحدث فيما بين الوقتين حدثا من جملة الستة التي تنقض الوضوء ولا توجب الغسل:
فقد اختلف قول أصحابنا في ذلك على ثلاثة أقوال: قائل يقول: يجب عليه إعادة غسل رأسه، وقائل يقول: لا يجب عليه إعادة غسل رأسه بل يتم غسل ميامنه ومياسره فإذا أراد الصلاة فلا بد له من وضوء ولا يستبيحها بمجرد ذلك الغسل، وقائل يقول: لا يجب عليه إعادة غسل رأسه وإن أراد الصلاة يستبيحها بمجرد غسله بعد إتمامه باقي جسده، وهذا القول هو الذي تقتضيه الأدلة وأصول المذهب لأن إعادة غسل رأسه لا وجه لها، لأن بالإجماع أن ناقض الطهارة الصغرى لا يوجب الطهارة الكبرى بغير خلاف.
فأما القائل بأنه: لا يعيد غسل رأسه بل يتم غسل باقي جسده فإذا أراد الصلاة فلا بد له من الوضوء، فباطل أيضا لأن هذا بعد حدثه الأصغر جنب، وأحكام المجنبين تتناوله بغير خلاف من قوله تعالى: وإن كنتم جنبا فاطهروا، وقوله تعالى: ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا، فأجاز تعالى الدخول في الصلاة بعد الاغتسال، وهذا قد اغتسل بغير خلاف لأن هذا القائل يوافق على أنه قد ارتفع حدثه الأكبر وقد اغتسل، فالآية بمجردها تقتضي استباحته الصلاة بمجرد اغتساله، فمن منعه وأوجب عليه شيئا آخر مع الاغتسال يحتاج
(٤٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 ... » »»
الفهرست