الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٥٠٥
وأيضا فإن الرسول ع كان يطوف على تسع نساء بغسل واحد فلو كان واجبا لما جاز له تركه لأنه كان يخل بالاغتسال الذي هو الواجب بتركه، ولا خلاف في أن ترك الواجب قبيح عقلا وسمعا، وحوشي ع عن ذلك، وأيضا فلا خلاف بين المسلمين وخصوصا علماء أهل البيت وطائفتهم: أن الانسان إذا أجنب أول الليل له أن يترك الاغتسال وينام إلى دخول وقت صلاته حينئذ يجب عليه الاغتسال لأجل الصلاة، فلو كان الغسل من الجنابة واجبا على كل حال وأن المكلف إذا صار جنبا وجب عليه الاغتسال بعده وفي كل وقت لكان يلزم على ذلك أشياء لا قبل لملتزمها إلا العود عن مقالته والرجوع إلى جماعته أو الخروج عن إجماع أهل نحلته أو العناد لديانته، من جملتها أنه إذا جامع زوجته ونزع وتخلص من حال مجامعة يجب عليه الاغتسال لوقته بلا فصل وساعته، فإن كان عنده ماء في منزله وأراد تركه والخروج منه والاغتسال خارجه من نهر أو حمام يحظر عليه الخروج منه إلى النهر أو الحمام لأنه يكون مخلا بواجب تاركا له، وترك الواجب وبدله قبيح على ما بيناه أولا وأوضحناه.
فإن قيل: الواجب عندكم على ضربين: واجب موسع وواجب مضيق، فالموسع الذي له بدل وهو العزم على أدائه قبل خروج وقته وتقضي حاله وزمانه فللمكلف تركه مع إقامته البدل مقامه، والمضيق هو الذي لا بدل له يقوم مقامه، فغسل الجنابة من الواجبات الموسعات وانقضى من تلك الإلزامات والتخلص من تلك الشناعات، كما أن الصلاة بعد دخول وقتها وقبل تضييقه من الواجبات الموسعات فلمكلفها أن يتركها إذا فعل العزم الذي هو البدل إلى آخر وقتها غير حرج في ذلك ولا آثم بغير خلاف عندكم بل الاجماع منعقد منكم عليه.
قيل له: الذي يفسد هذا الاعتراض ويدمر على هذا الخيال أن أول ما نقوله ونقرره ونحرره:
إن القياس في الشريعة عند أهل البيت ع باطل غير معمول عليه ولا مفزوع إليه، لا خلاف بين شيعتهم المحقين وعلمائهم المحققين في ذلك لأدلة ليس هذا موضع ذكرها، فمن أرادها أخذها من مظانها فإنها في كتب المشيخة محققة واضحة، ولولا الأدلة القاهرة وأقوال الأئمة الطاهرة في تأخير ما صوره السائل من المسائل في الاعتراض وغير ذلك من الصور عن أول وقته وإقامة البدل مقامه لكان داخلا فيما قررناه وحررناه فأخرجنا منه ما أخرجناه
(٥٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 ... » »»
الفهرست