الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٤٩٥
والدليل على صحة مذهبنا أنه إذا وجد المني ولم يذكر الاحتلام وهو يجوز أن يكون من غيره ولا يقين معه بما يوجب الغسل وهو على يقين متقدم ببراءة ذمته منه، فإنه على أصل الطهارة فلا يخرج عن ذلك اليقين إلا بيقين مثله، وإذا وجده فيما لا يشتبه ولا يستعمله غيره فقد أيقن بأنه منه فوجب الغسل، إذ قد بينا أنه لا معتبر بمقارنة خروجه للشهوة. فأما فرق ابن حي بين أن يصادفه حين انتباهه وبين أن يقوم ويمشي فلا وجه له من حيث كان إذا فارق الموضع يجوز أن يكون من غيره فإذا صادفه في الحال لم يكن إلا منه، والتقسيم الذي ذكرناه أولى لأنه إذا جوز فيما يصادفه أن يكون من غيره كتجويزه فيما يفارقه، لم يجب عليه الغسل في الموضعين، فلا معنى لاعتبار المشي بل المعتبر ما ذكرناه. هذا آخر كلام المرتضى رحمه الله، فهو واضح شديد في موضعه.
وذكر بعض أصحابنا في كتاب له وهو شيخنا أبو جعفر في نهايته فقال: ومتى خرج من الانسان ماء كثير لا يكون دافقا لم يجب عليه الغسل ما لم يعلم أنه مني وإن وجد من نفسه شهوة إلا أن يكون مريضا فإنه يجب عليه حينئذ الغسل متى وجد من نفسه شهوة ولم يلتفت إلى كونه دافقا وغير دافق. فإن أراد هذا القائل باستثنائه المريض أنه إذا خرج منه ماء كثير ولا يكون منيا من نفسه ووجد شهوة يجب عليه الغسل، فهذا غير واضح إذ قد بينا أن الجنابة لا تكون إلا بشيئين فحسب ولا يتعلق على الانسان أحكام المجنبين إلا من طريقين: إحداهما خروج المني على كل حال سواء كان دافقا أو غير دافق بشهوة أو غير شهوة والأخرى غيبوبة الحشفة في فرج آدمي لا ثالث لهما، وإن استثناه من الدفق فلا اعتبار بالشهوة ولا بالدفق بانفراد كل واحد منهما أو باجتماعهما من مريض جاء أو من صحيح أو أحدهما إذا لم يكن المني موجودا، فإذن لا وجه لاستثنائه إذا كان المعتبر المني فحسب سواء كان من صحيح أو مريض معه دفق وشهوة أو لم يكونا مقارنين له. والظاهر من كلامه في كتابه أنه أراد بما ذكره قسما ثالثا زائدا على المني والتقاء الختانين بدليل قوله عقيب ذلك: ومتى حصل للإنسان جنبا بأحد هذه الأشياء، فقد جمع. وأقل الجمع ثلاثة عند المحققين ولو لم يرد ذلك لقال: بأحد هذين الشيئين يعني المني والتقاء الختانين، فليتأمل ذلك ويلحظ فإنه واضح للمستبصر . ومتى صار الانسان جنبا بما قدمناه من الحكمين فلا يدخل شيئا من المساجد إلا عابر
(٤٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 ... » »»
الفهرست