فليرش عن يمينه ويساره وأمامه وخلفه ثم ليأخذ كفا كفا من الماء فيغتسل به، ففي الطهارة الصغرى التي هي الوضوء وافق على أخذه الماء من غير إفساد له وإن رجع من استعماله إليه، وفي الكبرى لم يوافق لأن عند هذا القائل أن الماء المستعمل في الطهارة الصغرى طاهر مطهر. فأما المستعمل في الطهارة الكبرى فلا يرفع به الحدث فلأجل هذا قال: فليأخذ كفا كفا من الماء فيغتسل به، يريد قبل أن ينزل من استعماله إلى باقي الماء فيصير ماء مستعملا في الطهارة الكبرى فلا يرتفع الحدث عنده به وقوله: فليرش، يريد به نداوة جلده وبلله من قبل نيته واغتساله بحيث يكفيه بعد بلل جسده اليسير من الماء فيجري على جسده من قبل أن ينزل إلى باقي الماء لئلا يصير الماء الباقي قبل فراغه مستعملا في الكبرى فلا يرفع الحدث عنده به، وليس قول من يقول: المراد بالرش عن يمينه ويساره وأمامه وخلفه على الأرض دون ميامن جسده ومياسره وخلفه وأمامه، بشئ يلتفت إليه لأنه لا معنى له يرجع إليه لأنه إذا تندت الأرض من هذه الجهات الأربع كان أسرع إلى نزول ما يغتسل به بعد ذلك إلى الماء الباقي قبل فراغ المغتسل من اغتساله، فيصير الباقي ماء مستعملا فلا يرتفع الحدث عنده به، وهذا جميعه على رأي شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله: في أن الماء المستعمل في الأغسال الواجبة لا يرتفع الحدث به، وقد دللنا على خلاف ذلك وبينا الصحيح فيه قبل هذا المكان في هذا الكتاب فعلى المذهب الصحيح من أقوال أصحابنا لا حاجة بنا إلى الرش المذكور.
ويستحب أن يكون بين البئر التي يستقى منها وبين البالوعة سبعة أذرع إذا كانت البئر تحت البالوعة وكانت الأرض سهلة، وخمس أذرع إذا كانت فوقها والأرض أيضا سهلة فإن كانت الأرض صلبة فليكن بينها وبين البئر خمس أذرع من جميع جوانبها. هذا جميعه على الاستحباب وإلا فلو كان بين البئر وبين البالوعة شبرا أو أقل لم يكن بذلك بأس ما لم يتغير أحد أوصاف ماء البئر بالنجاسة.
والماء المسخن على ثلاثة أضرب: ماء سخنته النار، وماء سخن بالشمس وماء مسخن من ذاته وهو ماء العيون الحارة الحامية. فالذي سخن بالنار لا يكره استعماله على حال، وما أسخنته الشمس بجعل جاعل له في إناء وتعمد لذلك فإنه مكروه في الطهارتين معا فحسب، وما كان مسخنا من ذاته وهو ماء العيون الحامية فإنه يكره استعماله في التداوي فحسب.