وما زاد على المرتين بدعة، والعضوان الممسوحان لا تكرار في مسحهما فمن كرر ذلك كان مبدعا ولا يبطل وضوءه بغير خلاف، ولو استقبل في مسح رأسه الشعر لأجزأه، وكذلك لو غسل الوجه منكوسا يبدأ من المحاذر إلى القصاص لأجزأه على الصحيح من المذهب، وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في مبسوطه: لا يجزئه، والأول أظهر لأنه بتناوله اسم غاسل، وإذا تناوله فقد امتثل الأمر وأتى بالمأمور به بغير خلاف.
وأقل ما يجزئ من الماء في الأعضاء المغسولة ما يكون منه غاسلا وإن كان مثل الدهن - بفتح الدال - بعد أن يكون جاريا على العضو، فإن لم يكن الماء جاريا فلا يجزئه لأنه يكون ماسحا ولا يكون غاسلا والأمر بالغسل غير الأمر بالمسح.
وبعض أصحابنا يذهب في كتاب له إلى إطلاق الدهن من غير تقييد للجريان ويقيده في كتاب آخر له، والصحيح تقييده بالجريان لأنه موافق للبيان الذي أنزل به القرآن. وقال السيد المرتضى رحمه الله في المسائل الناصريات: والذي يجب أن يعول عليه أن الله تعالى أمر في الجنابة بالاغتسال وفي الطهارة الصغرى بغسل الوجه واليدين فيجب أن يفعل المتطهر من الجنابة والمتوضئ ما يسمى غسلا ولا يقتصر على ما يسمى مسحا ولا يبلغ الغسل، فأما الأخبار الواردة بأنه يجزئك ولو مثل الدهن فإنها محمولة على دهن يجري على العضو ويكثر عليه حتى يسمى غسلا ولا يجوز غير ذلك.
قال محمد بن إدريس: وهذا هو الصحيح المحصل المعتمد عليه والمسنون للرجال أن يبتدئوا بظاهر الذراع بالكف الأول وبباطن الذراع بالكف الثاني، والمسنون للنساء عكس ذلك، وهذا على جهة الندب لا الوجوب للرجال والنساء.
ولا بد من إدخال المرافق في الغسل على طريق الوجوب، والترتيب واجب في الطهارتين معا الكبرى والصغرى، والموالاة واجبة في الصغرى فحسب، وحدها المعتبر عندنا - على الصحيح من أقوال أصحابنا المحصلين - هو أن لا يجف غسل العضو المقدم في الهواء المعتدل، ولا يجوز التفريق بين الوضوء بمقدار ما يجف معه غسل العضو الذي انتهى إليه وقطع الموالاة منه في الهواء المعتدل، وبعض أصحابنا يوجب الموالاة على غير هذا الاعتبار ويذهب إلى اعتبار الجفاف يكون عند