الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٤٧٥
فإن كان كرا فصاعدا فهو طاهر مطهر لا ينجسه شئ من النجاسات إلا ما يغير أحد أوصافه، على ما قدمنا القول فيه وشرحناه، وإن كان أقل من كر فهو على أصل الطهارة ما لم يعلم فيه نجاسة، فإن علمت فيه نجاسة وجرت المادة التي هي البزال فقد طهر وجاز استعماله، وإن لم يبلغ الكر مع اتصال المجرى به فإن انقطع المجرى اعتبرنا كونه كرا، فإن كان أنقص من الكر فهو أيضا على أصل الطهارة مثل الاعتبار الأول إلا أن تقع فيه نجاسة ثم لا يزال هذا الاعتبار ثابتا فيه.
والمادة المذكورة لا تعدو ثلاثة أقسام: إما أن تعلم طهارتها يقينا، أو تعلم نجاستها يقينا، أو لا تعلم الطهارة ولا النجاسة. فإن علمت الطهارة فالحكم ما تقدم، وكذلك إذا لم تعلم طهارة ولا نجاسة فهو على أصل الطهارة في الأشياء كلها والحكم ما تقدم، فأما إذا علمت أنها نجسة يقينا وتعيينا فلا يجوز اعتبار ما تقدم لأنه لا خلاف أن الماء النجس لا يطهر بجريانه.
فإن قيل: الكلام في المادة مطلق لأن ألفاظ الأخبار عامة بأن ماء الحمام سبيله سبيل الماء الجاري إذا كانت له مادة من المجرى فمن قيدها وخصها يحتاج إلى دليل.
قلنا: الإطلاق والعموم قد يخص بالأدلة بغير خلاف بين من ضبط هذا الفن وأصول الفقه، ومن المعلوم الذي لا خلاف فيه أن الماء النجس لا يطهر بجريانه ولا يطهر غيره إذا لم يبلغ كرا على ما مضى شرحنا له، وفحوى الخطاب من الأخبار بينة على ما قلناه، لأن المعهود في مادة المجرى ألا يعلم بطهارة ولا نجاسة فهي المرادة بالخطاب لأن الانسان داخل الحمام لا يعلم ولا يبصر ما وراء الحائط فيحكم بأن المادة عند هذه الحال على أصل الطهارة، وشاهد الحال أيضا يحكم بما قلناه، فهذا هو المعنى بالمادة دون المادة المتيقن نجاستها.
وغسالة الحمام وهو المستنقع الذي يسمى الحمئة لا يجوز استعمالها على حال.
وهذا إجماع وقد وردت به عن الأئمة ع آثار معتمدة قد أجمع عليها، لا أحد خالف فيها فحصل الاجماع والاتفاق على متضمنها ودليل الاحتياط يقتضي ذلك أيضا.
ومتى ولغ الكلب في الإناء وجب غسله ثلاث مرات أولاهن بالتراب.
وبعض أصحابنا في كتاب له يجعل التراب مع الوسطى والأول أظهر في المذهب. وكيفية
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»
الفهرست