الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢ - الصفحة ٤٧٦
ذلك أن يجعل الماء ويترك التراب أو يترك فيه التراب ويصب عليه الماء بمجموع الأمرين لا بانفراد أحدهما عن الآخر، لأنه إذا غسل بمجرد التراب لا يسمى غسلا لأن حقيقة الغسل جريان المائع على الجسم المغسول، والتراب لا يجري وحده، وإن غسلته بالماء وحده فما غسلته بالماء والتراب - لأن الباء هاهنا للإلصاق بغير خلاف - فيحتاج أن يلصق أحد الجسمين بالآخر.
ولا يراعى التراب إلا في ولوع الكلب خاصة دون سائر الحيوان ودون كل شئ من أعضاء الكلب.
لأن بعض أصحابنا ذكر في كتاب له: أن مباشرة الكلب الإناء بسائر أعضائه يجري مجرى الولوغ في أحكامه والأظهر الأول لأنه مجمع عليه. وبعض أصحابنا ألحق في كتاب له: أن حكم الخنزير في وجوب غسل الإناء من ولوغه ثلاث مرات إحداهن بالتراب حكم الكلب سواء، وتمسك بتمسكين اثنين أحدهما: أن الخنزير يسمى كلبا في اللغة فينبغي أن تتناوله الأخبار الواردة في ولوع الكلب، والثاني: أنا قد بينا أن سائر النجاسات يغسل منها الإناء ثلاث مرات والخنزير نجس بلا خلاف، وهذا استدلال غير واضح لأن أهل اللغة العربية لا يسمون الخنزير كلبا بغير خلاف بينهم فالدعوى عليهم دعوى عرية من برهان، والعرف خال منه لأن أحدا لا يفهم من قوله: عندي خنزير أي عندي كلب، بل الذي يتبادر إلى الفهم هذه الدابة المخصوصة، ولو أن حالفا أو ناذرا حلف أو نذر إن رأى خنزيرا فلله عليه أن يتصدق بقدر مخصوص من ماله على الفقراء، ثم رأى كلبا، أو نذر أنه رأى كلبا فرأى خنزيرا لم يتعلق به وفاء النذر بغير خلاف بين المسلمين، لا لغة ولا عرفا. والثاني من قوله: إنا قد بينا أن سائر النجاسات يغسل منها الإناء ثلاث مرات والخنزير نجس بلا خلاف، وهذا أيضا استدلال يضحك الثكلى. إن لم يكن الخنزير عند هذا القائل يسمى كلبا فكيف يراعى التراب في إحدى الغسلات؟ هذا مع التسليم له بأن الإناء يغسل من سائر النجاسات ثلاث مرات، وليس كل إناء يجب غسله ثلاث مرات يراعى في إحدى الغسلات التراب، والإجماع حاصل من الفرقة أن التراب لا يراعى إلا في ولوع الكلب خاصة دون سائر النجاسات، بغير خلاف بين فقهاء أهل البيت ع، ودون التسليم له، الغسلات الثلاث فيما عدا آنية
(٤٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 ... » »»
الفهرست