البحث في رسالات العشر - محمد حسن القديري - الصفحة ٤٢
على الاستحباب ولو لم نقل بأنه بعيد كما قلنا، فدلالة الرواية على اعتبار عدم البعد بين مسجد المأموم وموقف الامام تامة. بقي الكلام في الموثقة التي توهم معارضتها للصحيحة، وقد تقدمت الموثقة في جواز اقتداء النساء من داخل الدار وإن كان بينهن وبين غيرهن جدار أو طريق الذي يبعد ان لا يكون بقدر مالا يتخطى حتى بين المسجد والموقف. وقال المحقق الهمداني - قدس سره -: ان ظهور الموثقة في جواز البعد أقوى من ظهور الصحيحة في الوجوب فتحمل على الاستحباب، وفيه: مع أن الحمل على الاستحباب بعيد عن الفهم العرفي كما مر، وان الموثقة لا اطلاق لها من جهة البعد لعدم كونها في مقام البيان من هذه الجهة، ان الاقوائية ليست مناطا في الجمع العرفي بين الروايات بل العرف حينئذ يرى المعارضة بين الصحيحة والموثقة، فان المستفاد من الصحيحة حكم وضعي وهو اعتبار عدم البعد بذلك المقدار في الجماعة، والمستفاد من الموثقة عدم الاعتبار وبينهما معارضة، فلابد من العلاج، والصحيحة ترجع على الموثقة من جهة السند أولا ومن جهة موافقة الموثقة للعامة ثانيا، فالأقوى هو الاعتبار بالحد المذكور، ومما يدل على الحكم والتفصيل بين الحد الاستحبابي والوجوبي صحيحة عبد الله بن سنان الدالة على أن أقل الحد مربض غنم وأكثره مربض فرس (1).
فروع الأول: لا فرق بين كون التباعد من أول الصلاة أو حصوله في أثنائها ويحكم ببطلان الجماعة في الموردين فالشرط شرط ابتداء واستدامة، وذلك لاطلاق الأدلة. نعم على القول بحمل الصحيحة على الاستحباب وعدم كون التباعد بمقدار يخل بصدق مفهوم الجماعة والاجتماع يشكل الامر في فرض الحصول في الأثناء، فان الدليل على الاعتبار على هذا المبنى ليس الا الاجماع والقدر المتيقن منه فرض كون التباعد في جميع الصلاة، الا ان يتمسك باطلاق معقد الاجماع ولا يتم ذلك بحسب الكبرى وان قلنا بتماميته بحسب الصغرى.

(١) الوسائل: ج ٥، باب ٦٢ من أبواب صلاة الجماعة، حديث 3
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»