أقول: اما وجه وجوب العدول في الصورة الثانية فظاهر، لاحرازه امتثال الامر بالظهر حينئذ. واما وجه البطلان في الصورة الأولى، فقد ذكروا في ذلك ان ما بيده لا يصح ظهرا لأنه قد صلاها، ولا عصرا لعدم احراز نيتها، ولا مجال لاحرازها بقاعدة التجاوز، لان صدق التجاوز يتوقف على احراز العنوان، وهو موقوف على النية، فلا يمكن اثباتها به، فالحكم البطلان. وفصل الماتن - قدس سره - في مبحث النية في هذه المسألة مسألة 19، بين ما لو رأى نفسه في صلاة العصر وشك في أنه من الأول نواها أو نوى غيرها، وبين ما لو كان شاكا بالفعل بالنسبة إلى ما بيده. واختار سيدنا الأستاذ - مد ظله - أيضا هذا التفصيل. وأفاد في وجه ذلك ان محل نية العصر وإن كان قبل صلاة المعنونة بالعصر، واحراز التعنون بصلاة العصر موقوف على احراز النية، فلا تجري القاعدة في النية مطلقا. الا انه لو رأى نفسه في صلاة العصر وشك في أنه من الأول بأي نية شرع في الصلاة، فيمكن اجراء القاعدة في المنوي لا في النية، وهي الأجزاء السابقة. فانا نشك في وجود تكبيرة موافقة للأمر وعدمه، فتشملها القاعدة، لأنها كما تشمل الشك في الوجود تشمل الشك في الموجود أيضا، بل الشك في الموجود يرجع حقيقة إلى الشك في الوجود، وقد حقق ذلك في محله. لكن ما افاده وإن كان تاما بالنسبة إلى تصحيح الأجزاء السابقة ، الا انه لا يتم بالنسبة إلى تصحيح الاجزاء الآتية، فان صحتها موقوفة على احراز ان الداعي إليها هي نية الصلاة بنحو المجموع من الأول، ولا يمكن احراز ذلك بالقاعدة. وجه بعض الأكابر - قدس سره - حكمه بالصحة في الفرض، بان النية موجودة لم تتخلف، فان الداعي للشخص، وهو امتثال امره الواقعي، المتعلق بما هو في يده. وقد
(٢٩٦)