عدم الوجوب بالنسبة إلى من بعد عنها بفرسخين، فإنه لو لم يكن وجوب صلاة الجمعة مشروطا بوجود الامام أو المنصوب من قبله لم يكن لجعل الحد معنى، لوجوب الإقامة عليهم أيضا في محلهم. فإنه ليس المراد من ذلك المسافر لجعله في مقابل المسافر في الروايات، فهو مقيم في ذلك المحل ويوجد نوعا في المحلات العدد المعتبر في صلاة الجمعة، وهكذا من يقتدر على الخطبة ولو بمقدار أقل الواجب، فهذه الروايات تدلنا على اشتراط وجوب الجمعة بوجود الامام أو المنصوب من قبله، وعدم المشروعية عند عدم الشرط موافق للقاعدة. ولكن هذا الاستدلال أيضا لا يتم، فان غاية ما يستفاد من الرواية، عدم الوجوب التعييني لأصل العقد، واما عدم الوجوب التخييري فلا، وهكذا يعلم منها اشتراط وجوب الحضور إلى الجمعة المنعقدة بالحد المذكور. واما اشتراط الامام أو المنصوب من قبله في الوجوب فلا. ورابعا: ان اطلاق الوجوب مثير للفساد، فإنه لا تقام في كل بلد الا جمعة واحدة، فيقع التنازع في امامة الجمعة، وربما ينجر إلى القتل والقتال ونحو كذلك كما شوهد في الخارج أيضا، ولكن هذا وإن كان لا بأس به الا انه قرينة على عدم الوجوب التعييني فقط. اما على ما اخترناه من الوجوب التخييري فلا، لامكان ارتفاع النزاع بتركهم الجمعة جميعا. واما بالنسبة إلى وجوب الحضور إلى الجمعة المنعقدة فبعد رعاية الشرائط المعتبرة في الامام - ومنها العدالة - لا يتحقق نزاع ابدا. نعم يقع النزاع بناء على مذهب العامة من عدم اعتبار العدالة في الامام.
أقول: ما افاده - دام ظله - من عدم تحقق النزاع بملاحظة الشرائط المعتبرة في الامام غير تمام، بل إثارة الفساد بالنسبة إلى ما بعد الانعقاد لعله أزيد منها