ان من ترك الجمعة ثلاث جمع متوالية يطبع الله على قلبه، بالتقريب السابق والجواب أيضا هو الجواب السابق، فان ترك الجمعة ظاهر في فعلية الجمعة حال الترك، ولا يناسب هذا الا ترك الجمعة المنعقدة. فتحصل من جميع ما ذكرناه ان الجمعة واجبة تخييرا بحسب العقد من جهة الجمع بين الاطلاقات السابقة، والقرائن السالفة. وواجبة تعيينا بحسب الحضور بعد الانعقاد من جهة الروايات الواردة في بيان وظيفة أهل القرى المشتملة على كلمة يخطب وغيرها، مما قد عرفت. وبما ذكرنا ظهر الكلام في المقام الثاني أيضا، وهو حكم الحضور بعد الانعقاد. أقول: قد ذكرنا سابقا انه لا يعلم تشريع الجمعة من هاتين الطائفتين الا بالاستلزام، والدلالة الاستلزامية لا اطلاق لها، فان الرواية في مقام بيان حكم اخر غير التشريع مترتب على التشريع، فلا تدل على سعة التشريع وضيقه. فكما لا يمكن التمسك بهذه الروايات لاثبات الوجوب التعييني للعقد، كذلك لا يمكن التمسك بها لاثبات وجوب الحضور إلى مطلق صلاة الجمعة المنعقدة، الا انها ليست في مقام بيان شرائط الانعقاد. فليس في البين حتى رواية واحدة تدل على وجوب الجمعة مطلقا، لا عقدا ولا حضورا، كما أنه لا اطلاق يدل على الوجوب التخييري بحسب العقد مطلقا. واما الجواب المذكور في كلام السيد الأستاذ فلا يمكن المساعدة عليه، فان الروايات المشتملة على عدم العذر غير مشتملة على ذلك الاستثناء، وما هو مشتمل على ذلك الاستثناء لم تذكر فيه هذه الكلمة فلاحظ الروايات. واما كلمة ترك الجمعة فهي وان كانت مشعرة بترك الحضور، الا انها غير صريحة في ذلك. نعم الرواية في مقام بيان عقوبة ترك الجمعة، لا شرائط وجوب الجمعة، ولذا لا يمكن التمسك بهذه الروايات،
(١٣٦)