البحث في رسالات العشر - محمد حسن القديري - الصفحة ١٣٥
ولعمري ان هذا واضح غاية الوضوح لمن تأمل في روايات الباب، ولا سيما بملاحظة رواية العلل الواردة في بيان كيفية الخطبة لاشتمالها على كلمة الأمير، وهذه المطالب الراقية التي لا يناسب الا الأمير، فكيف يمكن التمسك بتلك الرواية لاثبات الوجوب التعييني. وبعبارة صناعية: ان البعض وإن كان مفهوما كليا قابلا للانطباق على كل فرد، الا انه يخرج عن هذا الاطلاق والشمول بواسطة معطوفة وهو خطبهم ويسأل عن انه من الخطيب، فإرادة الجنس لا يمكن قطعا لما ذكرناه فهو خطيب خاص ومعهود، وتعيين المعهود يحتاج إلى قرينة، فعلى الشك في المنصبية لابد من التوقف لاجمال الدليل.
فتحصل ان الرواية لا تدل على الوجوب التعييني لصلاة الجمعة مطلقا، ولا لوجوب الحضور بعد الانعقاد مطلقا، ولا للتخيير في العقد. اما على المنصبية فواضح، واما على الشك فيها فلا جمالها من هذه الجهات حينئذ. (رابعا) لو تنزلنا عن جميع ذلك وكنا نحن وهذه الرواية فكانت النتيجة وجوب العقد عند اجتماع السبعة، فنفس اجتماع السبعة في محل ظهر يوم الجمعة موجب لوجوب امامة بعضهم وخطبته إياهم، وهذا غير الحضور بعد الانعقاد. ولو قيل: بان المراد من اجتماع السبعة هو انعقاد الجمعة، قلنا: قد أصبح عنوان الاجتماع عنوانا كذائيا مؤولا بلا موجب له وبلا شاهد عليه. قال: الثاني: ما دل على أن صلاة الجمعة واجبة لا يعذر فيها أحد الا من استثني كصحيحة منصور السابقة، بتقريب ان عدم العذر لا يناسب الوجوب التخييري فلابد من الالتزام بالوجوب التعييني.
والجواب: ان هذه الرواية دالة على وجوب الحضور بعد الانعقاد لذكر كل من كان على رأس فرسخين في عقد الاستثناء، فان هذا الاستثناء انما يصح إذا كان المستثنى منه وجوب الحضور لا وجوب العقد، لعدم تعيين الاستثناء بذلك عن وجوب العقد. الثالث: ما دل على
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»