البحث في رسالات العشر - محمد حسن القديري - الصفحة ١١٣
ففيه ما لا يخفى. فان اسعوا تدل على شدة الاهتمام بالحضور، وهذا يدل على أن الحضور مأمور به فلابد من الالتزام بوجوب الحضور لوجود ملاك حمل الأوامر على الوجوب فيه وهو تمامية حجة المولى على العبد وعدم ثبت الاذن في ترك الامتثال، ولم يثبت كون الخير في الآية من افعل التفضيل بل لعله نظير الأولوية في اية أولوا الأرحام تعييني. وفي مجمع البحرين: انه قد يكون اسم فاعل لايراد به التفضيل نحو الصلاة خير من النوم وما قال من عدم وجوب الحضور إلى الخطبة غير مسلم، والبحث عنه موكول إلى محله. قال: واغرب من ذلك التمسك باية أخرى وهي قوله سبحانه حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى (1). بتقريب ان المراد من صلاة الوسطى هو الظهر في غير يوم الجمعة، وصلاة الجمعة في هذا اليوم. وقد فسرت الآية بذلك. الا انه لم يعلم تفسير المذكور الا بما رواه الطبرسي - قدس سره - في تفسيره (2). وهي رواية مرسلة دالة على ذلك، ولكنها من جهة ارسالها، لا يعتد بها. مع أنه لو سلمنا ذلك وقلنا بان المراد من الصلاة الوسطى ما يشمل صلاة الجمعة أيضا فحينئذ تدل الآية على وجوب المحافظة على صلاة الجمعة الا انها أجنبية عن بيان شرائط وجوبها. أقول: وبعبارة أخرى: ان الآية الكريمة كالآية السابقة ناظرة إلى بيان ما في طول التشريع وفي المرتبة المتأخرة عنه وهي المحافظة على صلاة الجمعة التي اخذت مفروض الوجوب، فلا يكون ناظرا إلى التشريع نفسه. نعم يعلم من ذلك التشريع بالاستلزام، الا ان غايته الكشف عن ذلك اجمالا لا تفصيلا، ولذا نقول: انه لا اطلاق لهذا النحو من الدلالة التي نسميه بالدلالة الاستلزامية. فلا تدل الآية الكريمة على سعة وجوب صلاة الجمعة

(١) البقرة: ٢٣٨.
(2) مجمع البيان: ج 2، ص 343.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»