من مراتب الانكار انتهى وكأن مراده قدس سره بيان مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه ينهاه أولا باللسان الطيب فإن انتهى بذلك فلا تصل التوبة إلى سائر مراتب الانكار، وإن لم ينته فباللسان الخشن وإن لم ينته فبالسب والشتم وإن لم ينته فبضربه إلى أن تصل النوبة في بعض المواضع إلى قتله وذلك أي قتله موكول إلى الإمام.
لكن يرد عليه أن كلامنا في التعزير وليس في مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مضافا إلى أن إعمال هذه المراتب بعد وقوع المنكر منه أو قبله؟ فإن كان قبله فالمفروض أنه لم يتحقق منه منكر حتى يردعه عنه باللسان الطيب أو الخبيث، وإن كان بعد ما توجه عليه التعزير بارتكابه للقبيح مع أن ردعه باللسان هل يكون للفعل القبيح الذي صدر منه أو للأفعال القبيحة التي تصدر منه فيما بعد؟
فإن كان الأول فالمفروض أنه صار عليه التعزير بحسب النصوص وإن كان الثاني فالمفروض أنه لم يصدر منه ما يوجب الملامة عليه، والحاصل أن ما ذكره - رحمة الله عليه - لا يعلم وجهه و لا ينطبق إلا على باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو غير مرتبط بهذا الباب الذي هو باب التعزير