(1) عن الصادق عليه السلام (فيمن عليه بدنة واجبة في فداء قال: إذا لم يجد بدنة فسبع شياه، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما) لا عامل به هنا، فتنحصر الروايات المعمول بها في المدين والمد ونصف صاع، فتتعارضان، وإنا اخترنا في حاشيتنا لكل مسكين مدان، ولو كان الحق الجمع بينهم.
وعن المدارك اختيار المدين بحمل المدين على الأفضلية، وعن صاحب الجواهر: اختيار المدين هنا للاستحباب والمد في باقي الكفارات ولعله للفرق بين المقام وغيره بتعارض حق الفقراء هنا، إذ هو تفريق للموجودين، بخلاف غيره فإنه دفع ممن عليه الكفارة، فلا بأس باستحباب دفعه المدين بخلاف ما هنا.
وعن الأستاذ حفظه الله: وفيه ما لا يخفى. فالتحقيق يقتضي صحة ما اختاره المشهور وهو المدان لكثرة قائله، ولا يصح القول بأن مقتضى الاحتياط مدان لأن صحة الاحتياط في فرض وجوب المد وإن أراد درك الأفضلية فعليه إعطاء المدين، ولكن هنا كان الأمر من أول الأمر وجوب المدين، وعن بعض الجمع بإعطاء المدين إن وفى وإلا فلا يجب عليه إلا مد واحد.
وعن الأستاذ حفظه الله: وفيه ما لا يخفى برجوع هذا الجمع إلى تعدد كفارات النعامة فتارة مدان وأخرى مد واحد، وعن صاحب الحدائق: ما اختاره العامة بعينه هو ما اختاره الخاصة ولأجل ذلك القول برفع اليد عن قول المشهور وهو المدان مشكل، واختيار الأقل وهو المد أشكل.
وعن كنز العرفان هو أي المدان اختيار أصحابنا، وفيه عدم وجود الاجماع للمخالف، وعن صاحب الجواهر هو الموافق بالفتاوى.
وعن الأستاذ حفظه الله: توضيح ذلك يرجع إلى وجود روايتين متعارضتين فمقتضى قوله عليه السلام: (خذ بما اشتهر بين أصحابك) أن يجب علينا الأخذ برواية المدين وهو يرجع إلى قول صاحب المدارك الذي اختار المدين لاستحبابه وأفضليته، وعن بعض مقتضى صحيح ابن عمار (2) وأبي عبيدة (3) عموم وخصوص مطلقا. وعن الأستاذ حفظه الله:
قوله عليه السلام (من أصاب شيئا) عام لعدم تقييده بالمحرم أو المحل وهو مع إطلاقه يحكم على العاجز عن البدنة أن يعطي لكل مسكين مدا، وقوله عليه السلام: (إذا أصاب المحرم الصيد فعليه نصف صاع) وهو خاص بالمحرم، ومن جهة أخرى أيضا بينهما عموم وخصوص مطلقا لأن رواية أبي عبيدة يحكم بالمدين بخلاف رواية ابن عمار فإنها يحكم بالمد ، فيخصص الأول بالثاني وفيهما اختلاف من جهة أخرى أيضا لأن جزاء كل صيد في رواية ابن عمار بدنة، بخلاف رواية أبي عبيدة فإن الواجب فيها بدنة في صيد نعامة، ولأجل ذلك يقدم المد على المدين.
وعن بعض التخيير لعدم إمكان تقييد المطلقات، إلا أن الظاهر من الاطلاقات موافقة ستين مسكينا مع المد، لأن الاطعام أعم من الاعطاء وغيره، وإذا كان كذلك فالحكم بالمد أقوى، ولكن المشهور اختار المدين.
ومما ذكرنا يظهر عدم إمكان إثبات المدين عند الشك في الأقل والأكثر فهل حينئذ لا بد وأن يؤخذ بالأكثر للاحتياط