الاحصار والصد - السيد الگلپايگاني - الصفحة ٥٨
الكفارة في قتله ولو استأنس عارضا فصحيح، ولكن البحث فيما تولد واستأنس ذاتا وأما إذا كان ممتنعا بالذات واستأنس بالعرض فلا، فالصحيح عند الأستاذ (لو قيل يراعى الاسم وكان ممتنعا فقتله حرام وإلا فلا).
قال المحقق صاحب الشرايع: (ولا بأس بقتل الأفعى والعقرب والفأرة) ومقتضى ظاهر العبارة هنا عدم حرمة قتلهن وعدم وجوب الكفارة فيهن، خلافا للفرع السابق الذي يمكن القول بحرمة قتلهن لما سمعت في صحيح معاوية بن عمار (1) عن الصادق عليه السلام (إذا أحرمت فاتق الدواب كلها إلا الأفعى والعقرب والفأرة) الذي يكون ظاهرا في جواز قتل المستثنى مطلقا ولو لم يردك، نعم في بعض الروايات جواز القتل يكون مقيدا بصورة الإرادة كقول الصادق عليه السلام في صحيح حريز (2) (كلما خاف المحرم على نفسه من السباع والحيات وغيرها فليقتله، وإن لم يردك فلا ترده) وفي خبر ابن عمار (3) (والحية إن أرادتك فاقتلها، وإن لم تردك فلا تردها) ولأجل ذلك وقع الكلام في أنه هل يمكن تقييد إطلاق النهي عن قتل الدواب الذي هو كالصريح في بعض النصوص السابقة بغير السباع أم لا يمكن التقييد بغيرهن بل لا بد وأن يبقى الاطلاق على حاله والقول بحرمة قتلهن إلا مع الإرادة، ولكن التدبر فيها أجمع يقتضي جواز القتل في هذه الثلاثة لأن قتلها مطلوب رأسا لأن الفأرة هي التي توهي السقا وتضرم أهل البيت، وأما العقرب فإن نبي الله مد يده إلى الجحر فلسعته عقرب فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعنك الله لا برا تدعينه ولا فاجرا، بخلاف السباع الذي لا يكون في قتلهن مطلوبية فلا بد حينئذ من الجمع بين ما أمر بقتله مطلقا أراد أم لم يرد وبين ما لم يرد بحمل الثاني على الكراهة والجواز في الأول.
قال المحقق صاحب الشرايع: (ويرمى الحدأة والغراب رميا) وعن الأستاذ حفظه الله: ومقتضى قول الصادق عليه السلام: (إذا أحرمت فاتق الدواب كلها) لزوم الاجتناب عن رميهما أيضا، ولكن استثني من عمومها الحدأة والغراب كما استثني منها غيرهما، هذا مما لا إشكال فيه ولا كلام إنما الكلام في أن الاستثناء هل هو يشمل الرمي دون القتل أو هو أعم من القتل والرمي؟ ظاهر النصوص المزبورة جواز رميهما لا قتلهما إلا إذا اتفق إفضاء الرمي إلى القتل، خلافا للمحكي عن المبسوط فجوز قتلهما، بل يظهر منه الاجماع عليه، ثم جواز الرمي الذي يمكن إفضائه إلى القتل هل هو مقيد بكونه عن ظهر البعير كما ذكر في صحيح معاوية بن عمار (4) عن أبي عبد الله عليه السلام (وارم الغراب والحدأة رميا عن ظهر بعيرك) أم هو أعم منه ومن غيره، مقتضى اختيار الأستاذ حفظه الله وظاهر المتن وغيره العموم، وربما يؤيده ما سمعته في خبر محمد بن فضيل (5) (لا بأس للمحرم أن يرمي الحدأة) وفي خبر حنان بن سدير (6) (والغراب الأبقع ترميه) بل عن الشيخ تقييد جواز الرمي للغراب والحدأة بالمحرم وذلك لانصراف الآية والرواية عنده بما عدا المحرم من الصيد، خلافا للأستاذ حفظه الله حيث خص الصيد بالمحلل، فيمكن استثناء ما كان قتله حراما بمعونة الروايات، ثم هل هما ضربان

1 - الوسائل - الباب - 81 - من أبواب تروك الاحرام، ح (2).
2 - الوسائل - الباب - 81 - من أبواب تروك الاحرام، ح (1).
3 - الوسائل - الباب - 81 - من أبواب تروك الاحرام، ح (2).
4 - الوسائل - الباب - 81 - من أبواب تروك الاحرام، ح (2).
5 - الوسائل - الباب - 81 - من أبواب تروك الاحرام، ح (10).
6 - الوسائل - الباب - 81 - من أبواب تروك الاحرام، ح (11).
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»