الاحصار والصد - السيد الگلپايگاني - الصفحة ٤٨
ثم إن الشهيد حكم بلزوم النية في تروك الاحرام لأنها عبادة ولكن التحقيق تركها إلا بالقصد.
وهل صرف الداعي يكفي فيها أم لا بد وأن يخطر بالبال؟ ما اختاره الشهيد هو الثاني وعن الأستاذ حفظه الله صرف الداعي يكفي في تحقق القصد، ولو غض بعد.
وعن المسالك: من احتمال الاجتزاء باجتناب تروك الاحرام من غير أن يلبس ثوبيه، لأن ذلك هو مدلول النصوص، وتظهر الفائدة فيما لو اقتصر على ستر العورة أو جلس في بيته عاريا ونحو ذلك، وأما الثياب المخيطة فلا بد من نزعها وكذلك كشف الرأس ونحوه.
وعن صاحب الجواهر: لا يخفى عليك ما فيه، خصوصا بعد ملاحظة الانسياق في النصوص والفتاوى، بل الظاهر اعتبار النية في هذه العبادة وإن كانت النية هي الداعي عندنا.
وعن الأستاذ حفظه الله: لا يمكن استظهار وجوب ثوبي الاحرام من رواية هارون ابن خارجة وغيرها كما نقل عن الشهيد ذلك.
نعم يمكن استظهاره بطريق آخر وهو من جملة (يحرم على المحرم في اليوم الذي واعدهم فيه) الذي يدل على وجوب ثوبي الاحرام لباعث الهدي تطوعا بالملازمة، ولأجل ذلك قال بعض: نهى الراوي أبا مراد عن لبس المخيط ولو لمكان أبي جعفر فبعثه إلى الإمام عليه السلام ليسأل عنه حكمه، وحكم عليه السلام بوجوب البدنة عليه كفارة عن لبس المخيط، إلا أنه حمله على الاستحباب، لأن كفارة ثوب المخيط لا يكون بدنة.
وعن الأستاذ حفظه الله: أصلها واجبة ولكن البدنة مندوبة فإذن البقرة أفضل.
ومما ذكرنا يظهر لك أن الحكم مشترك بين المرأة والرجل، وإن كان المورد خاصا، هذا أولا، وثانيا لا يمكن الاتكال على ما استنبطه صاحب الجواهر من رواية هارون بن خارجة ولا يصح أيضا ما اختاره الشهيد.
وأما مصرف هدي التطوع وهل هو كمصرف الكفارات التي هي حق للفقراء؟ أو يكون مصرفه كمصرف هدي التمتع في التثليث؟ أو كهدي القران الغير الواجب بنذر وشبهه؟ فيه أقوال، أجودها الثالث لأصالة البراءة مما زاد على الذبح.
وأما زمان النحر: فقد صرح به في بعض الروايات الواردة لتعيين موضعه بالخصوص وهو يوم النحر منها: عن معاوية بن عمار (1) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يرسل بالهدي تطوعا، قال: يواعد أصحابه يوما يقلدون فيه، فإذا كان تلك الساعة من ذلك اليوم اجتنب ما يجتنبه المحرم إلى يوم النحر فإذا كان يوم النحر أجزأ عنه، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله حيث صده المشركون نحر بدنة ورجع إلى المدينة.
منها: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن ابن عباس وعليا كانا يبعثان هديهما من المدينة ثم ينحران، وإن بعثا بهما من أفق من الآفاق واعدا أصحابهما بتقليدهما وإشعارهما يوما معلوما، ثم يمسكان يومئذ إلى يوم النحر عن كل ما يمسك عنه المحرم، ويجتنبان كل ما يجتنب المحرم إلا أنه لا يلبي إلا من كان حاجا أو معتمرا.

١ - الوسائل الباب - ٩ - من أبواب الاحصار والصد، ح (5).
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»