صدق المحصور على ما زال عذره قبل أن يفوت عنه الحج، لأن النصوص لا تكون أعم من أن يزول عذره قبل فوت الحج أو بعده، بل تكون أخص لشمولها على من يبقى في الاحصار إلى أن يفوت الحج عنه، وآخرون إلى كفاية بلوغ الهدي للتحلل.
وتلخص مما ذكرناه أنه لا يمكن إثبات لزوم التحلل بعمرة، ولو ذهب بعض إليه، ومنهم صاحب الجواهر، حيث قال : فالأحوط والأقوى وجوب المضي إلى مكة للتحلل بعمرة.
ولو فات الحج عنه بعد البعث وزوال العذر لعدم قدرته على استمرار الطريق، وقلنا شرط الحصر هو بقاؤه إلى أن يفوت عنه درك أحد الموقفين أو كلاهما، وهل هو يدخل في حكم المحصور، أم هو يدخل في عموم حكم من فاته الحج.
إن قلنا بالأول فيكفيه للتحلل بلوغ الهدي محله، وإن قلنا بالثاني فعليه في القابل قضاء الحج إن كان واجبا.
وقد اختلف الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم لوجود العلم الاجمالي في البين وهو تردد التكليف بين دخوله في المحصور أو في من فاته الحج، ولأجل ذلك أفتى بالاحتياط بعض وقال: عليه الحج في القابل إن كان مستطيعا هذا كله في الحاج.
قال المحقق صاحب الشرايع: والمعتمر إذا تحلل يقضي عمرته عند زوال العذر كقضية الإمام الحسين عليه السلام حيث أحصر وتحلل، فعليه القضاء في القابل إن كان واجبا، ووجوبها تكون تارة بسبب حجة الاسلام ولكن ليس لها ارتباط بالحج أصلا، وأخرى بنذر أو عهد، أو غيرهما وإلا فندبا.
وقيل في الشهر الداخل، هذا - أي وجوب القضاء في القابل إن كان واجبا وإلا فندبا كالحج مما لا ريب فيه ولا إشكال يعتريه - إنما الكلام في اعتبار مضي الزمانين بين الاحرامين كالعمرتين وعدمه، وذهب بعض الأصحاب إلى مضي الشهر بين العمرتين بناء على اشتراط فصل شهر بين العمرتين، وعن بعض آخر فصل عشرة أيام، وعن بعض ثالث فصل ثلاثة أيام، وعن المسالك: يأتي به عند زوال العذر من غير تربص زمان بناء على التوالي بين العمرتين، فإذن في الناقص عدم توقفه على الفصل أولى.
ويمكن البناء على الخلاف في المتن في وجوب الفصل كما عن الشيخ في محكي النهاية والمبسوط وبنو حمزة والبراج وإدريس، وعدمه بل في المدارك: ظاهر الأصحاب أن الخلاف هنا كالخلاف في أصل المسألة في الزمان الذي يجب كونه بين عمرتين، قال في الدروس: المعتمر إفرادا يقضي عمرته في زمان يصح فيه الاعتمار ثانيا، فيبني على الخلاف.
قال في المدارك: وفيما قاله الأصحاب من أن الخلاف هنا كالخلاف في أصل المسألة مناقشة إذ لا يمكن إرجاع هذه إلى تلك، لعدم صدق اسم العمرة على الناقص وعلى هذا لا يجب عليه الفصل بين العمرتين.
اللهم إلا أن يقال وجوب الفصل هنا بين الاحرامين، لأنه أحصر بعد إحرامه بعمرة مفردة ولم يقدر على إتمامها وعليه إتيانها في الشهر الآتي.
وعن الأستاذ دام عزه: وفيه وجوب الفصل بين العمرتين لا بين الاحرامين حيث إنه مقتضى الأخبار وظاهر الشرايع هنا وفي النافع كما عن الجواهر القضاء عند زوال العذر مع اشتراطه فيه مضي الشهر بين العمرتين.