الاحصار والصد - السيد الگلپايگاني - الصفحة ٥٢
المحصور، فبعد الحصر يكون عليه بعث ما ساقه إلى منى مع القدرة إن كان في الحج، ومكة إن كان في العمرة، وأما مع العجز والضرورة ففيه عدة من الروايات ففي بعضها يحكم الإمام عليه السلام بالذبح في مكان الحصر، ووضع الشئ عليه أي علامة على هديه للاعلان بأنه الهدي لا غير، ففي بعض أخرى يحكم بالبدل.
وعن الأستاذ حفظه الله: أجابه الإمام عليه السلام من عدم سقوط وجوب ذبح الهدي ولو مع الحصر في الضرورة، بخلاف المكان أي منى لأنه خاص، ولأجل ذلك لا يمكن التعدي عنه إلى غيره.
وملخص الكلام إن قلنا بعدم خصوصية في منى لذبح الهدي فيمكن القول بصحة ذبح الهدي في خارج منى، ولو مع الاختيار، وإن قلنا بها فلا يجزي في غيره ولو اختيارا، ولم أعثر فيما أعلم ذهابهم إلى جواز ذبح الهدي في غير منى مع الاختيار، وعلى هذا الأساس لا يمكن التفرد في القول، والحكم بجواز ذبح الهدي في غير منى ولو اختيارا، نعم عن الصدوق في المقنع بعد أن قال بعدم جواز ذبح الهدي في غير منى ما نص عبارته، قال: وإن نسيت أن تذبح بمنى حتى زرت البيت فأت بمكة وانحر بها وليس عليك شئ فقد أجزأ عنك، مضافا إلى ما سمعته من الروايات مثل ما قاله الصدوق رحمه الله: ولو كانت الروايات أعم منه ومن حال الاضطرار والعصيان هذا، ولكن الانصاف كما عن الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم لا تكون الرواية صريحة فيما اختاره الصدوق.
نعم إن قلنا إن الذبح يكون من باب تعدد المطلوب فيمكن التمسك بقاعدة الميسور وما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله لصحة ذبح الهدي في غير منى في حال الاضطرار.
ويمكن مضافا إلى ما احتملناه لاثبات صحة ذبح الهدي في غير منى في حال الاضطرار القول بالتقية، لقوله عليه السلام (التقية ديني ودين آبائي) توضيح ذلك: تبعية المخالف تارة تقتضي إيجاد الفعل في الخارج وحكم من أحكامهم وهو كالوضوء نكسا، وأخرى تقتضي الترك وهذا كالافطار في يوم رمضان، ففي الأول يصح المتابعة إن لم يمكن إتيانه على غير ما حكموا به لخوف أو غيره.
وأما في الثاني فلا يمكن الحكم بالصحة لقوله عليه السلام بالقضاء عليه، لعدم موافقة حكم من أحكامهم بل هو في هذا الحال، أي في إفطار صوم يومه تارك.
وبعبارة أخرى تارة تقتضي التقية إيجاد الصلاة في الخارج بدون الوضوء وأخرى مقتضاها الوضوء نكسا فلا ريب في بطلان الصلاة في الأول بخلاف الثاني.
وهل متابعة المخالف في ذبح الهدي في غير منى يدخل في الأول حتى يحكم ببطلانه وعدم إجزائه، أو يكون الذبح في غير منى من مصاديق الثاني حتى يحكم بالصحة.
وعن الأستاذ حفظه الله: لا يبعد دخوله في الثاني بمعنى جواز ذبح الهدي في غير منى لخوف أو غيره كما أن الوقوف على ما حكموا به صحيح إذا اقتضت التقية متابعتهم إن لم يتمكن من إتيانه ثانيا في غيره.
ثم إن قلنا إن التقية مجز في حال الخوف أو غيره لا يمكن تقييدها بعدم علمهم بما يفعل من أنه يتبعهم واقعا أم خوفا حقنا من الدماء، لأن الملاك عندهم متابعة أعمالهم وحكم حاكمهم، سواء كانت المتابعة صوريا أو واقعيا.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»