وفي بعض آخر بالعموم، وهو قوله عليه السلام في جواب الحلبي (١).
منها: عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل بعث بهديه مع قوم فساق وواعدهم يوما يقلدون فيه هديهم ويحرمون قال: يحرم عليه ما يحرم على المحرم في اليوم الذي واعدهم فيه حتى يبلغ الهدي محله، قلت: أرأيت إن اختلفوا في الميعاد وأبطأوا في المسير عليه وهو يحتاج أن يحل هو في اليوم الذي وعدهم فيه، قال: ليس عليه جناح أن يحل في اليوم الذي وعدهم فيه.
وحينئذ تقيد العام وهو الحلبي بواسطة الخاص وهو صحيح ابن سنان، ومعاوية بن عمار، فالمتعين من زمان النحر هو يوم النحر وهو يوم العيد.
وأما مكان النحر ففي المسالك: والنصوص والفتاوى خالية من بيان مصرفه وزمانه ومكانه.
وعن صاحب الجواهر: المنساق من النصوص كون مكانه منى.
ومما ذكرنا يظهر لك أن مكان النحر لباعث الهدي المتطوع كالحج الواجب أيضا هو منى، هذا مما لا ريب فيه ولا شك يعتريه، إنما الكلام في انحصار الذبح في منى وعدمه، وقد تعرضنا هذا الحكم جوابا لسؤال بعض المؤمنين لشيوع أن مكان النحر تغير من منى إلى وادي محصر فإن قلنا بانحصاره فيه ففي غيره لا يجزي إلا مع الاضطرار أو عن تقية، وإن لم نقل به فهو مع غيره مساو في الأجزاء في حال الاختيار.
فنقول مستعينا بالله: وللقائلين بانحصاره فيه وجوه: الأول قول الأصحاب رضوان الله عليهم وعن المنتهى: لا بد من ذبح الهدي في منى وهو مذهب علمائنا، وفي التذكرة: هو مشعر بالاجماع، وعن الأردبيلي في الفوائد: أنه المشهور، وكأنما هذا القول لا يكون عنده إجماعيا.
وعن الأستاذ حفظه الله: ولو قلنا بأنه إجماعي ولكن لا يكون كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام لأنه هو إجماع مدركه قول الأصحاب والتأسي وغير ذلك الذي هو مخدوش من وجوه.
الثانية: التأسي وهو ما يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله ومعلوم أن ما فعله صلى الله عليه وآله حجة علينا وواجب اتباعه فإذن الذبح في منى واجب علينا، وفيه أولا: لا يكون كل ما فعله صلى الله عليه وآله واجب علينا كالسواك والتهجد في الليل لقوله تعالى ﴿فتهجد به نافلة﴾ (2) وأمثال ذلك.
ثانيا: بعد أن اجتمع الناس حوله لذبح هديهم رأى صلى الله عليه وآله أن الأمر شاق عليهم قال: منى كله منحر (3) بمعنى أن الذبح جايز حتى في البيت وأمثالها، فيخرج هذا من عموم قوله صلى الله عليه وآله: (خذو عني مناسككم).
الثالث: قوله صلى الله عليه وآله منى كله منحر مفهومه عدم جواز ذبح الهدي في غير منى لأنه لا يكون فيه صلاحية المنحرية.
وعن الأستاذ دام عزه: لا يكون في قوله صلى الله عليه وآله مفهوم، نعم إن كان الدليل موجودا لنفي منحرية منى فهو