الاحصار والصد - السيد الگلپايگاني - الصفحة ٤٥
وعن صاحب الجواهر: مقتضى الاحتياط هو الدخول بمثل ما خرج منه، وعن سيدنا الأستاذ حفظه الله: مقتضى الاحتياط هو الاتيان بالتمتع والأقوى هو التمتع والقران، وإن شك في بقاء وجوب القران بعد رفع الحصر يمكن استصحاب عدم وجوبه عليه، فيأتي في القابل تمتعا.
ولكن عن ابن إدريس: حيث إنه لا يعمل بالأخبار الآحاد أنكر - على ما قاله الشيخ في النهاية وهو الحكم بالدخول بمثل ما خرج منه - قال: وبما شاء يحرم في المستقبل لأنه مقتضى القاعدة.
وعن الأستاذ حفظه الله: بل القاعدة تقتضي خلاف ذلك وهو الدخول في القابل تعيينيا إن كان ما خرج منه واجبا تعيينيا، ومندوبا إن كان ندبا، ومخيرا إن كان تخييريا، نعم يمكن أن يقال إن لم يكن له واجب بما شاء يحرم في المستقبل وإلا فعليه وجوب الدخول بمثل ما خرج منه وإلى ذلك يمكن حمل إشكاله على الشيخ.
ثم إن مفروض المسألة يكون خصوص من حج قارنا وهل يمكن إظهار إرادة العموم من جواب الإمام عليه السلام بقوله (لا) أم لا؟ مقتضى الجواب إتيان قاعدة كلية وهي وجوب المماثلة منها، وإن كان المورد القران، وحينئذ إن دخل قارنا ثم أحصر ثم تحلل يقضي قارنا وهكذا في التمتع والافراد.
قال المحقق صاحب الشرايع: (وروي أن باعث الهدي تطوعا يواعد أصحابه وقتا لذبحه أو نحره ثم يجتنب ما يجتنبه المحرم فإذا كان وقت المواعدة أحل لكن هذا لا يلبي) وقد اختلف الأصحاب رضوان الله عليهم في باعث الهدي تطوعا الذي يواعد أصحابه يوما لتقليد ما أرسله أو أشعر ليحرم حتى يبلغ الهدي محله، ثم يحل في اليوم الذي وعدهم يوما، هل هو مشروع أم لا؟ وعلى فرض تشريعه يكون واجبا أم مندوبا؟.
وعن الأستاذ حفظه الله: الاتفاق على أنه مندوب، وإذا أحرم فهل عليه الاجتناب عما يجتنبه المحرم كالمحرم في الميقات أم لا يكون واجبا بل الاجتناب مكروها وإذا ارتكب محرمات الاحرام فهل عليه الكفارة أم لا؟ وعلى فرضها هل تكون واجبة أم مندوبة؟ وعن الشيخ في النهاية ما ملخصه: قال يبعث بهديه ويواعد يوما للتقليد ويجتنب عما يجتنب المحرم والحكم بوجوب الكفارة عليه كمثل المحرم في الميقات إلا أن هذا لا يلبي.
ورد ابن إدريس لها قائلا (إنها أخبار آحاد لا يلتفت إليها ولا يعرج إليها، وهذه أمور شرعية يحتاج مثبتها ومدعيها إلى أدلة شرعية، ولا دلالة من كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع، فأصحابنا لا يوردون هذا في كتبهم ولا يودعونه في تصانيفهم، وإنما أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتاب النهاية إيرادا لا اعتقادا لأن الكتاب المذكور كتاب خبر ولا كتاب بحث ونظر، كثيرا ما يورد فيه أشياء غير معمول عليها والأصل براءة الذمة من التكاليف الشرعية.
ورده في المختلف بأن هذه الأخبار ظاهرة مشهورة صحيحة السند عمل بها أكثر العلماء، فكيف يجعل ذلك شاذا من غير دليل، وهل هذا إلا جهل منه بمواقع الأدلة ومدارك الأحكام الشرعية، وتبعه على ذلك غير واحد كالشهيدين والصدوق في الفقيه، فظهر مما ذكرنا ثبوت مشروعية بعث الهدي تطوعا والمواعدة مع أصحابه وقتا لذبحه أو نحره والتهيأ للدعاء يوم عرفة، وأما حكم الاجتناب عما يجتنبه المحرم، والمواعدة للتقليد فيمكن استظهارهما من النصوص الواردة.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»