وتلخص مما اختاره الأستاذ حفظه الله جواز ذبح الهدي في غير منى تقية، ولكن الأحوط مضافا إلى ذبح الهدي عليه صيام عشرة أيام، هذا إن لم يقدر على ذبح الهدي في منى طوال ذي الحجة وإذا تمكن فعليه ذبح الهدي في منى طوال ذي الحجة فلا يحتاج إلى هذا الاحتياط. والله العالم.
] (المقصد الثاني في أحكام الصيد) [ كان البحث في باب ما يحرم على المحرم عن حرمة الصيد عليه وحليته، ولكن البحث هنا في إثبات ما يجب من الكفارة وعدمها فيه.
فنقول: لا كفارة للمحرم في الصيد الحلال كالسمك، وأما الحرام ففيه تفصيل فذهب بعض بوجوب الكفارة فيه.
واختار الآخرون بعدم وجوبها فيه، وعن صاحب الشرايع: (الصيد هو الحيوان الممتنع، وقيل يشترط أن يكون حلالا) أي أكله كما عن الماتن في النافع، فالمتيقن عنده الصيد المحرم عليه إنما هو المحلل منه دون المحرم.
وعن صاحب الجواهر حلالا وحراما كما في القواعد، مع زيادة بالأصالة التي يمكن إرادة المصنف لها أيضا، ولو بدعوى انسياقها من إطلاق الممتنع، حتى لا يرد عليه ما عن المسالك من دخول ما توحش من الأهلي والممتنع كالإبل والبقر ونحوهما مما قتله جائز إجماعا، ولا خروج ما استأنس من الحيوان البري كالظبي، بل عن الراوندي هو أي التعريف بما سمعت أي الممتنع بالأصالة مذهبنا مشعرا بالاجماع عليه.
وعن الأستاذ دام عزه: لا تنال يد الشارع في تعيين موضوع اللفظ، نعم له تعيين موضوع الحكم الشرعي، ومما يشهد له ما نسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام من قوله:
صيد الملوك ثعالب وأرانب * وإذا ركبت فصيدي الابطال وعن الأستاذ حفظه الله: حصر الصيد فيهما لا بأس به، ولكن الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز، ومما يؤيد أن قوله عليه السلام صيد الملوك إلخ لحصر الصيد في الابطال، قول العرب (سيد الصيد الأسد).
وعن الأستاذ حفظه الله: وفيه تعيين موارد الاستعمال، وهو أعم من اللغوي، هذا مضافا إلى خبر زيد الشحام (١) عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى ﴿ومن عاد فينتقم الله منه﴾ (٢) قال: إن رجلا انطلق وهو محرم فأخذ ثعلبا فجعل يقرب النار إلى وجهه وجعل الثعلب يصيح ويحدث من استه، وجعل أصحابنا ينهونه عما يصنع، ثم أرسله بعد ذلك، فبينما الرجل نائم إذ جائته حية فدخلت في فيه فلم تدعه حتى جعل يحدث كما أحدث الثعلب ثم خلت عنه الذي هو أقوى شاهد على أن في قتل محرم الأكل أيضا كفارة وهذا لتطبيقه عليه السلام قوله تعالى ومن عاد... على الثعلب خلافا لما زعم أن موضوع الآية وهو ﴿لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم﴾ (3) مختص بالممتنع الحلال.
وعن الأستاذ حفظه الله: فالبحث هنا في إثبات أن الصيد هل هو الحيوان الممتنع بالذات أو هو أعم منه ومن الممتنع بالعرض؟ وهل هو خصوص المحرم أو هو مع المحلل.