الهدي محله إذا احتاج إلى حلق رأسه لأذى به، ساغ له ذلك، وواجب عليه الفداء كما عن المنتهى، مستدلا عليه بالخبر المزبور، وحينئذ يكون الذبح كفارة لا أنه للتحلل، فإذن يطابق قول المشهور وهو توقف الاحلال على البعث وبلوغه إلى محله.
وعن الأستاذ حفظه الله: ظاهر النص خلاف ما اختاره المنتهى، لأن النص صريح في جواز الذبح في مكان الاضطرار فيمن لا يتمكن من البعث. هذا كله في مكان الذبح.
وأما الكلام في زمان الهدي ففي رواية ابن عمار (1) وقصة الإمام الحسين عليه السلام يصرح فيهما زمان ذبح الهدي يوم النحر، ولكن عن القواعد وأيام التشريق لأن أيام التشريق كلها يوم النحر، وعن صاحب الجواهر كذلك، ولا يكون في هذا الحكم - أيام التشريق كلها يوم النحر - فرق بين الحاج والمحصور، فإن تعين زمان الهدي ومكانه في رواية أو غيرها يأخذ ويعمل بها وإن لم يتعين فينصرف إلى ما عين.
وكيف كان قال المحقق صاحب الشرايع: فإذا بلغ قصر وأحل إلا من النساء خاصة حتى يحج من قابل إن كان واجبا ، أو يطاف عنه طواف النساء إن كان تطوعا هذا حكم المحصور في الحج الواجب والمندوب، وأما حكم المصدود فقد سمعت ما ذكره المصنف سابقا حيث قال: فالمصدود إذا تلبس ثم صد تحلل من كل ما أحرم منه، هذا مما لا شك فيه ولا ريب فيه يعتريه، وإنما الكلام في كيفية حلية النساء بعد الحصر وهل يجب عليه في القابل طواف النساء خاصة، أم إتيان طواف الزيارة والسعي بين الصفا والمروة وما يجب إتيانه في الحج؟ فظاهر عبارة الشرايع الثاني إن كان الحج واجبا، وأما إن كان ندبا فيأتي طواف النساء بنفسه أو يطاف عنه، هذا كله في عالم الثبوت.
وأما في عالم الاثبات فيكفي ذيل رواية محمد بن محمد المفيد في المقنعة (2) ولا يقرب النساء حتى يقضي المناسك من قابل، هذا إذا كان حجة الاسلام، فأما حجة التطوع فإنه ينحر هديه، وقد أحل مما كان أحرم منه فإن شاء فيحج من قابل، وإن شاء فلا يجب عليه الحج.
وعن صاحب الجواهر: بلا خلاف معتد به أجده في شئ من ذلك إذ قد سمعت في صحيح معاوية بن عمار (3) المتقدم المشتمل على الفرق بين المصدود والمحصور بذلك، وصحيحة الآخر (4) المشتمل على إحصار الحسين عليه السلام مضافا إلى النصوص (5) المتقدمة فيمن نسي الطواف الدالة على جواز الاستنابة فيه وإن تمكن من الرجوع بنفسه كما مر الكلام فيه مفصلا.