قصر وأحل، وإن كان مرض في الطريق بعد ما أحرم فأراد الرجوع إلى أهله رجع ونحر بدنة إن أقام مكانه، وإن كان في عمرة فإذا برء فعليه العمرة واجبة، وإن كان عليه الحج فيرجع إلى أهله وأقام ففاته الحج وكان عليه الحج من قابل فإن ردوا الدراهم عليه ولم يجدوا هديا ينحرونه وقد أحل لم يكن عليه شئ، ولكن يبعث من قابل ويمسك أيضا.....
إن قلت: كيف يمكن الجمع بين قوله عليه السلام محل الهدي يوم النحر وبين ونحر بدنة قلت: يمكن أن يقال:
بحمل الصدر على عدم إرادة الرجوع إلى أهله، ولأجل ذلك قيد الإمام عليه السلام في الذيل إن أراد الرجوع ولذلك لا يكون في جملة ونحر بدنة دلالة على أن المحصور ينحر مكانه إذا أحصر، بل للمحصور أن يبعث هديه.
وأما قضية إرجاع الدراهم فظاهر في عدم وجود ما ينحر، ولذا قال عليه السلام: فإن ردوا الدراهم عليه ولم يجدوا هديا ينحرونه ولكن يبعث من قابل.
ويمكن أن يكون مراده عليه السلام: ونحر بدنة يعني عليه ما عليه في مكة أو منى، ولكن الآن في إيجاد سبب النحر وهو الدراهم.
ويضعف هذا الاحتمال بما في الذيل وهو قوله عليه السلام: فدعا علي عليه السلام ببدنة فنحرها لصراحته على عدم لزوم بعث الهدي إلى محله، نعم قد يعارض ذلك ما في ذيل صحيح ابن عمار (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الحسين عليه السلام خرج معتمرا فمرض في الطريق فبلغ عليا عليه السلام ذلك وهو بالمدينة فخرج في طلبه فأدركه في السقيا وهو مريض، فقال يا بني ما تشتكي؟ قال: أشتكي رأسي، فدعا علي عليه السلام ببدنة فنحرها وحلق رأسه، ورد ه إلى المدينة، فلما برأ من وجعه اعتمر، فقلت: أرأيت حين برء من وجعه أحل له النساء؟ فقال: لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، فقلت: فما بال النبي صلى الله عليه وآله حين رجع إلى المدينة حل له النساء ولم يطف بالبيت؟ فقال: ليس هذا مثل هذا، النبي صلى الله عليه وآله كان مصدودا والحسين عليه السلام محصورا .
إن قلت: ذيلها تعارض صدرها من ناحية مكان النحر، قلت: أولا إن القضية المسؤولة عنها لا تكون بكلية بل قضية شخصية في واقعة، وقد سئلها الراوي بعد فرضه مورد المسؤول عنه مريضا عن صحة إرسال هديه وعدمها، وأجاب الإمام عليه السلام بقوله: فإن كان في حج فمحل الهدي يوم النحر.
الثاني: يمكن حمل الصدر على من أرسله هديا لأن المصدود والمحصور جايزان لهما إرسال هديهما إلى مكة لأن الأمر في مقام توهم الحظر أي المنع.
الثالث: فإذا حملنا الصدر على عدم لزوم البعث فمقتضى الذيل الذي يقول فيها (ونحرها) لا يكون فيها بأس أصلا.
وفيها جهات من النظر أيضا، الأولى قوله عليه السلام فلما برء من وجعه اعتمر شاهد لاحصاره ومع ذلك نحر بدنته في المكان الذي أحصره المرض فيه.