منع عن الوصول إلى مكة، أو عن إتمام نسكه، وعن مجمع البيان ما ملخصه: ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله (1) أي لا تحلوا من إحرامكم حتى يبلغ الهدي محله فينحر أو يذبح.
واختلف العامة في محل الهدي على قولين: الأول أنه الحرم، الثاني الموضع الذي يصد فيه.
وأما على مذهبنا فالأول حكم الحصر بالمرض، والثاني حكم المحصور بالعدو.
وإن قلت: مقتضى قوله تعالى حتى يبلغ الهدي محله تارة يمكن وأن يقول فيه إذا أحصر يبعث بهديه ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله، وأخرى عدم وجوب البعث عليه بل ينحر أو يذبح حيث أحصر ولا يحتاج إلى قوله تعالى: حتى يبلغ الهدي محله ويمكن أن يؤيد القول الثاني بما في المدارك حيث قال في تفسير الآية: حتى يبلغ الهدي محله يحتمل أن يكون معناها حتى تنحروا هديكم حيث حبستم كما هو المنقول عن حمران (2) عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله حين صد بالحديبية قصر وأحل ونحر، ثم انصرف منها، ولم يجب عليه الحلق حتى يقضي النسك، فأما المحصور فإنما يكون عليه التقصير.
فكما أن الآية لا اختصاص لها بالصد بل هي أعم منه ومن المحصور، فكذلك لا يكون فيها الاختصاص بالموضعين بل أعم منهما ومن المكان الذي أحصر فيه. قلت: هذا خلاف ما استظهرناه وما ذهب إليه المشهور من أن المصدود يذبح حيث صد، والمحصور يبعث بهديه ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله وهو منى إن كان حاجا، ومكة إن كان معتمرا.
وعن صاحب الجواهر: ويدفع ما عن المدارك ظاهر النصوص الواردة.
منها (3) الخبر المشتمل على احتجاج الرسول صلى الله عليه وآله بالآية على عدم جواز الاحلال حتى يبلغ الهدي محله : منى.
منها عن أبان، عن زرارة (4) عن أبي جعفر عليه السلام قال: المصدود يذبح حيث صد، ويرجع صاحبه فيأتي النساء والمحصور يبعث بهديه فيعدهم يوما، فإذا بلغ الهدي أحل هذا في مكانه، قلت: أرأيت إن ردوا عليه دراهمه ولم يذبحوا عنه وقد أحل فأتى النساء، قال: فليعد وليس عليه شئ وليمسك الآن عن النساء إذا بعث.
بل وصحيحة معاوية بن عمار (5) قال: سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أحصر فبعث بالهدي، فقال: يواعد أصحابه ميعادا، فإن كان في حج فمحل الهدي يوم النحر، وإذا كان يوم النحر فليقصر من رأسه، ولا يجب عليه الحلق حتى يقضي مناسكه وإن كان في عمرة فلينتظر مقدار دخول أصحابه مكة والساعة التي يعدهم فيها، فإذا كان تلك الساعة